عمّار: سُئل عن ماءٍ شربت منه الدجاجة، قال: «إن كان في منقارها قذر لم تتوضّأ منه ولم تشرب»[1]. فإنّ من المعلوم أنّ القذر الذي يقع على منقار الدجاجة لا يوجب التغيّر عادةً.
نعم، قد يُدَّعى توفّر شروط ذلك المرجع الفوقانيّ في رواية عليّ بن جعفر، التي نقلها صاحب الوسائل عن كتابه، قال: سألته عن جرّة ماءٍ فيه ألف رطلٍ وقع فيه اوقية بول، هل يصلح شربه أو الوضوء منه؟ قال: «لا يصلح»[2].
فإنّ كلمة «الرطل» لمّا كانت مجملةً ومردّدة بين العراقيّ وغيره فينعقد لجواب الإمام عليه السلام إطلاق بملاك ترك الاستفصال يقتضي أنّ الماء البالغ ألف رطلٍ- سواء كان بالأرطال العراقية أو بغيرها- يخرج عن الصلاحية بوقوع اوقية بولٍ فيه، وبهذا يصبح الموضوع شاملًا للقليل والكثير؛ لأنّ ألف رطلٍ بالعراقيّ قليل، وألف رطلٍ بالمكّيّ أو المدنيّ كثير، بناءً على المفروغية عن أنّ الكرّ هو ألف ومائتا رطلٍ بالعراقي.
كما أنّ وقوع اوقيةٍ من البول مناسب لكلٍّ من حالة التغيّر وحالة عدم التغيّر، وهذا يعني أنّ الرواية تحقق شروط المرجع الفوقاني، لأنّها تدل على انفعال الماء بملاقاة البول، سواء كان قليلًا أو كثيراً، وسواء تغيّر أو لم يتغيّر. وخرج عن هذا الإطلاق مادة الافتراق؛ لدليل اعتصام الكرّ- أي الكثير- عند ملاقاته للبول بدون أن يتغيّر.
وأمّا مادة التعارض بين دليل اعتصام الكرّ ودليل انفعال الماء الراكد بالتغيّر- وهي ملاقاة النجس للكثير المؤدّية إلى التغيّر- فلا موجب لإخراجها عن إطلاق المطلق، بعد تساقط دليل الاعتصام ودليل الانفعال في مادة الاجتماع.
[1] وسائل الشيعة 1: 231، الباب 4 من أبواب الأسآر، الحديث 3
[2] وسائل الشيعة 1: 156، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 16