مورد الملاقاة غير المغيِّرة، من قبيل قوله في رواية أبي بصير: «لا تشرب من سؤر الكلب إلّاأن يكون حوضاً كبيراً يستقى منه»[1]، فإنّ العادة قاضية بأنّ شرب الكلب من حوضٍ كبيرٍ لا يوجب تغيّره، فهذه الرواية مختصة مورداً بالملاقاة غيرالمُغيِّرة، فتكون أخصّ مطلقاً من الدليل الثاني الدالّ على انفعال الكرّ بالملاقاة فيقيّد الدليل الثاني بما إذا أوجب البول تغيّر الماء، وبذلك يصبح أخصّ مطلقاً من الدليل الأوّل الدال على أنّ الكرّ لا ينجّسه شيء، فينتج: أنّ الكرّ ينجس بالتغيّر، ولا ينجس بالملاقاة.
وهذا الوجه مبنيّ على انقلاب النسبة أيضاً، والتحقيق خلافه على ما بيّنّا في الاصول[2].
نعم، لو استظهرنا من الدليل الثاني وروده في مورد التغيّر، بحيث كان مختصّاً بصورة التغيّر في نفسه لا بمخصّصٍ منفصلٍ كان مخصّصاً للدليل الأوّل على القاعدة، وذلك يتوقّف على دعوى: أن المستظهر من فرض السائل مروره- وهو مسافر- بكرٍّ قد بال فيه إنسان أو حمار أو غيره أ نّه لم يرَ الإنسان أو الحمار يبول في الكرّ حين مروره عليه، وإنّما مرّ بكرٍّ قد بال فيه الإنسان أو الحمار، وهذا يعني أ نّه إنّما عرف ذلك بتبيّن آثار ذلك في الماء، فتكون الرواية واردةً في مورد التغيّر.
الرابع: التمسّك برواية شهاب بن عبد ربّه[3]، حيث إنّها وردت في الكرّ بعنوانه، ودلّت على انفعاله بالتغيّر، فيكون لها ميزة على سائر ما دلّ على انفعال
[1] وسائل الشيعة 1: 158، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 3
[2] بحوث في علم الاصول 7: 291
[3] وسائل الشيعة 1: 161، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 11