انفعال الماء الراكد بالتغيّر الماء القليل وبعد سقوط العامّين من وجهٍ في مادة الاجتماع يرجع إلى الأصول المقتضية للطهارة.
وما يمكن أن يجاب به على ذلك أحد وجوه:
الأوّل: أن يقال: إنّ دليل اعتصام الكرّ ليس مفاده قضيّةً تعبديةً تأسيسيةً يصحّ الجمود على إطلاقه؛ لوضوح أنّ عصمة الكرّ ومانعية الكثرة في الماء عن الاستقذار عند ملاقاة الماء للقذر أمر عرفيّ مركوز، ومن أجل ذلك يكون للعرف نظر حسب مناسبات الحكم والموضوع المركوزة في ذهنه.
ومن المعلوم أنّ المركوز في الذهن أنّ مانعية الكثرة عن الاستقذار ليس بماهي كثرة في نظر العرف، بل بما هي موجبة للغلبة على القذر والقاهرية عليه، فمناسبات الحكم والموضوع الارتكازية تكون قرينةً عرفيةً على أنّ الكثرة المأخوذة موضوعاً للحكم بالاعتصام إنّما اخذت بما هي مساوقة للغلبة والقاهرية على القذر الملاقي للماء، فمع فرض تغيّر الماء بالقذر وسيطرة القذر على لونه وطعمه وريحه لا إطلاق لدليل الاعتصام ليتمسّك به.
الثاني: أ نّه مع فرض قطع النظر عن تحكيم المناسبات الارتكازية للحكم والموضوع، والتسليم بوجود إطلاقٍ في دليل اعتصام الكرّ يقال: إنّ المعارضة تكون بنحو العموم من وجهٍ بين دليل اعتصام الكرّ ودليل انفعال الماء الراكد بالتغيّر، وحيث دلّ دليل ثالث على أنّ الماء القليل ينفعل بمجرّد الملاقاة قبل حصول التغيّر فهذا الدليل الثالث يكون أخصّ مطلقاً من دليل انفعال الماء الراكد بالتغيّر، فيخرج عن موضوعه الماء القليل؛ لأنّ الدليل الثالث يثبت أنّ المنجّس له هو مجرّد الملاقاة، لا التغيّر، وإذا خرج الماء القليل عن موضوع دليل انفعال الماء الراكد بالتغيّر أصبح هذا الدليل أخصّ مطلقاً من دليل اعتصام الكرّ، فيقيَّد به.
ويرد عليه: أنّ هذا التقريب مبنيّ على القول بانقلاب النسبة فيما إذا