فهرست

37

ثالثاً: ما زخرت به تلك الفترة من أحداث وألوان الصراع السياسي والعسكري على جبهات متعدّدة، الأمر الذي ميّز طبيعة العلاقة بين الرسول الأعظم وصحابته عن نوع العلاقة بين شخص كالسيّد المسيح وتلامذته، فلم تكن علاقة مدرِّس ومربٍّ متفرّغ لإعداد تلامذته، وإنّما هي العلاقة التي تتناسب مع موقع الرسول كمربٍّ وقائد حرب ورئيس دولة.

رابعاً: ما واجهته الجماعة المسلمة نتيجة احتكاكها بأهل الكتاب، وبثقافات دينيّة متنوّعة من خلال صراعها العقائدي والاجتماعي، فقد كان الاحتكاك وما يطرحه على الساحة خصوم الدعوة الجديدة المثقّفون بثقافات دينيّة سابقة مصدر قلق وإثارة مستمرّة، وكلّنا نعرف أ نّه شكّل بعد ذلك تيّاراً فكريّاً إسرائيليّاً تسرّب بصورة عفويّة- أو بسوء نيّة- إلى كثيرٍ من مجالات التفكير[1]، ونظرة فاحصة في القرآن الكريم تكفي لاكتشاف حجم المحتوى لفكرة الثورة المضادّة، ومدى اهتمام الوحي برصدها ومناقشة أفكارها[2].

خامساً: إنّ الهدف الذي كان يسعى المربّي الأعظم صلى الله عليه و آله لتحقيقه على المستوى العام وفي تلك المرحلة هو إيجاد القاعدة الشعبية الصالحة التي يمكن لزعامة الرسالة الجديدة- في حياته وبعد وفاته- أن تتفاعل معها، وتواصل عن طريقها التجربة، ولم يكن الهدف المرحلي وقتئذٍ تصعيد الامّة إلى مستوى هذه الزعامة نفسها بما تتطلّبه من فهم كامل للرسالة، وتفقّهٍ شامل على أحكامها، والتحام مطلق مع مفاهيمها، وتحديد الهدف في تلك المرحلة بالدرجة التي‏

 

[1] راجع الإسرائيليات في التفسير والحديث. الدكتور محمّد حسين الذهبي

[2] انظر مثلًا سورة المائدة الآيات: 15- 19، وسورة آل عمران الآية: 60 وما بعدها