وهكذا نجد أنّ الصحابة كانوا في حياة النبي صلى الله عليه و آله يتّكلون غالباً على شخص النبي صلى الله عليه و آله، ولا يشعرون بضرورة الاستيعاب المباشر للأحكام والمفاهيم ما داموا في كنف النبي صلى الله عليه و آله.
وكلّ ما تقدّم يدلّ على أنّ التوعية التي مارسها النبي صلى الله عليه و آله على المستوى العام في المهاجرين والأنصار لم تكن بالدرجة التي يتطلّبها إعداد القيادة الواعية الفكريّة والسياسيّة لمستقبل الدعوة وعمليّة التغيير، وإنّما كانت توعية بالدرجة التي تبني القاعدة الشعبية الواعية التي تلتفّ حول قيادة الدعوة في الحاضر والمستقبل.
وأيّ افتراض يتّجه إلى القول بأنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يخطّط لإسناد قيادة التجربة والقيمومة على الدعوة بعمه مباشرة إلى جيل المهاجرين والأنصار يحتوي ضمناً اتّهام أذكى وأبصر قائد رسالي في تاريخ العمليّات التغييرية بعدم القدرة على التمييز بين الوعي المطلوب على مستوى القاعدة الشعبية للدعوة، والوعي المطلوب على مستوى قيادة الدعوة وإمامتها الفكريّة والسياسيّة.
[عدم تحرّر الامّة من رواسب الجاهليّة:]
3- إنّ الدعوة عمليّة تغيير، ومنهج حياة جديد، وهي تكلّف بناء امّة من جديد واقتلاع كلّ جذور الجاهلية