الخليفة لم يكن يفكّر بعقلية نظام الشورى وأ نّه كان يرى من حقّه تعيين الخليفة، وأنّ هذا التعيين يفرض على المسلمين الطاعة، ولهذا أمرهم بالسمع والطاعة، فليس هو مجرّد ترشيح أو تنبيه، بل هو إلزام ونصب.

ونلاحظ أيضاً أنّ عمر رأى هو الآخر أنّ من حقّه فرض الخليفة على المسلمين، ففرضه في نطاق ستّة أشخاص، وأو كل أمر التعيين إلى الستّة أنفسهم دون أن يجعل لسائر المسلمين أيّ دور حقيقي في الانتخاب. وهذا يعني أيضاً أنّ عقلية نظام الشورى لم تتمثّل في طريقة الاستخلاف التي انتهجها عمر، كما لم تتمثّل من قبْل في الطريقة التي سلكها الخليفة الأوّل، وقد قال عمر حين طلب منه الناس الاستخلاف: لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة الجرّاح، ولو كان سالم حيّاًما جعلتها شورى‏[1].

وقال أبو بكر لعبد الرحمن بن عوف وهو يناجيه على فراش الموت:

«وددت لو أ نّي كنت سألت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد»[2].

 

[1] طبقات ابن سعد 3: 343

[2] تاريخ الطبري 3: 431