إنّ هذه الشواهد وشواهد اخرى كثيرة تقدّم لنا صورة عن ذلك الإعدادالرسالي الخاصّ الذي كان النبي صلى الله عليه و آله يمارسه في سبيل توعية الإمام على المستوى القيادي للدعوة.
كما أنّ في حياة الإمام عليّ عليه السلام بعد وفاة القائد الرسول صلى الله عليه و آله أرقاماً كثيرة جدّاً تكشف عن ذلك الإعداد العقائدي الخاصّ للإمام عليّ عليه السلام من قِبل النبي، بما تعكسه من آثار ذلك الإعداد الخاص ونتائجه. فقد كان الإمام هو المفزع والمرجع لحلّ أيّ مشكلة يستعصي حلّها على القيادة الحاكمة وقتئذٍ[1]. ولا نعرف في تاريخ التجربة الإسلامية على عهد الخلفاء الأربعة واقعة واحدة رجع فيها الإمام إلى غيره لكي يتعرّف على رأي الإسلام وطريقة علاجه للموقف، بينما نعرف في التاريخ عشرات الوقائع التي أحسّت القيادة الإسلامية الحاكمة فيه بضرورة الرجوع إلى الإمام بالرغم من تحفّظاتها في هذا الموضوع.
وإذا كانت الشواهد كثيرة على أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يعدّ الإمام إعداداً خاصاًلمواصلة قيادة الدعوة من بعده، فالشواهد على إعلان الرسول القائد عن تخطيطههذا وإسناده زعامة الدعوة الفكريّة والسياسيّة رسميّاً إلى الإمام عليّ عليه السلام لا تقلّعنها كثرة، كما نلاحظ ذلك في «حديث الدار»[2] و «حديث الثقلين»[3] و «حديث المنزلة»[4] و «حديث الغدير»[5] وعشرات النصوص النبويّة الاخرى[6].
وهكذا وُجد التشيّع في إطار الدعوة الإسلامية متمثّلا
[1] الرياض النضرة( 3- 4): 162- 166
[2] ينابيع المودة: 311- 313، مسند أحمد بن حنبل 1: 178، الحديث 885
[3] سنن الترمذي 5: 621 و 622 الحديث 3786 و 3788، كنز العمال 1: 185- 187 الحديث 943 وما بعده
[4] صحيح البخاري 5: 129 غزوة تبوك، سنن الترمذي 5: 599، الحديث 3731
[5] سنن ابن ماجة 1: 43، الحديث 116
[6] راجع التاج الجامع للُاصول 3: 330- 337