التي توارثت الدعوة وأكثرها استعداداً للتضحية، لا نجد فيه ملامح ذلك الإعداد الخاص للقيمومة على الدعوة، والتثقيف الواسع العميق على مفاهيمها.
والأرقام التي تبرز هذا النفي كثيرة لا يمكن استيعابها في هذا المجال، ويمكننا أن نلاحظ بهذا الصدد أنّ مجموع ما نقله الصحابة من نصوص عن النبي صلى الله عليه و آله في مجال التشريع لا يتجاوز بضع مئات من الأحاديث، بينما كان عدد الصحابة يناهز اثني عشر ألفاً على ما أحصته كتب التاريخ[1]، وكان النبي صلى الله عليه و آله يعيش مع الآلاف من هؤلاء في بلد واحد وفي مسجد واحد صباحاً ومساءاً، فهل يمكن أن نجد في هذه الأرقام ملامح الإعداد الخاص؟
والمعروف عن الصحابة أ نّهم كانوا يتحاشون من ابتداء النبي صلى الله عليه و آله بالسؤال، حتّى أنّ أحدهم كان ينتظر فرصة مجيء أعرابي من خارج المدينة يسأل ليسمع الجواب[2]، وكانوا يرون أنّ من الترف الذي يجب الترفّع عنه السؤال عن حكم قضايا لم تقع بعد.
ومن أجل ذلك قال عمر على المنبر: «احرج باللَّه على رجل سأل عمّا لم يكن، فإنّ اللَّه قد بيّن ما هو كائن»[3].
وقال: «لا يحلّ لأحد أن يسأل عمّا لم يكن، إنّ اللَّه قد
[1] بلغ عدد تراجم الصحابة في كتاب« الاصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر 12267
[2] نهج البلاغة( تحقيق صبحي الصالح): 327، الخطبة( 210)
[3] سنن الدارمي 1: 63، الحديث 124