فهرست

17

[الموقف السلبي تجاه مستقبل الدعوة]

الطريق الأوّل أن يقف من مستقبل الدعوة موقفاً سلبيّاً، ويكتفي بممارسة دوره في قيادة الدعوة وتوجيهها فترة حياته، ويتركها في مستقبلها للظروف والصدف.
وهذه السلبيّة لا يمكن افتراضها في النبي صلى الله عليه و آله؛ لأنّها إنّما تنشأ من أحد أمرين كلاهما لا ينطبقان عليه صلى الله عليه و آله.
الأمر الأوّل: الاعتقاد بأنّ هذه السلبيّة والإهمال لا تؤثّر على مستقبل الدعوة، وأنّ الامّة التي سوف تخلفه في الدعوة قادرة على التصرّف بالشكل الذي يحمي الدعوة ويضمن عدم الانحراف.
وهذا الاعتقاد لا مبرّر له من الواقع إطلاقاً، بل إنّ طبيعة الأشياء كانت تدلّ على خلافه، لأنّ الدعوة- بحكم كونها عملا تغييريّاً انقلابيّاً في بدايته، يستهدف‏بناء امّة واستئصال كلّ الجذور الجاهلية منها- تتعرّض لأكبر الأخطار إذا خلت‏الساحة من قائدها وتركها دون أيّ تخطيط.

فهنالك الأخطار التي تنبع عن طبيعة مواجهة الفراغ دون أيّ تخطيط سابق، وعن الضرورة الآنيّة لاتّخاذ موقف مرتجل في ظلّ الصدمة العظيمة بفقد النبي؛ فإنّ الرسول إذا ترك الساحة دون تخطيط لمصير الدعوة فسوف تواجه الامّة ولأوّل مرّة مسؤولية التصرّف بدون قائدها تجاه أخطر مشاكل الدعوة، وهي لا تملك أيّ مفهوم مسبق بهذا الصدد، وسوف يتطلّب منها الموقف تصرّفاً سريعاً آنيّاً بالرغم من خطورة المشكلة؛ لأنّ الفراغ لا يمكن أن يستمر، وسوف يكون هذا التصرّف السريع في لحظة الصدمة التي تمنى بها الامّة وهي تشعر بفقدها