تغييريّاً انقلابيّاً في بدايته، يستهدفبناء امّة واستئصال كلّ الجذور الجاهلية منها- تتعرّض لأكبر الأخطار إذا خلتالساحة من قائدها وتركها دون أيّ تخطيط.
فهنالك الأخطار التي تنبع عن طبيعة مواجهة الفراغ دون أيّ تخطيط سابق، وعن الضرورة الآنيّة لاتّخاذ موقف مرتجل في ظلّ الصدمة العظيمة بفقد النبي؛ فإنّ الرسول إذا ترك الساحة دون تخطيط لمصير الدعوة فسوف تواجه الامّة ولأوّل مرّة مسؤولية التصرّف بدون قائدها تجاه أخطر مشاكل الدعوة، وهي لا تملك أيّ مفهوم مسبق بهذا الصدد، وسوف يتطلّب منها الموقف تصرّفاً سريعاً آنيّاً بالرغم من خطورة المشكلة؛ لأنّ الفراغ لا يمكن أن يستمر، وسوف يكون هذا التصرّف السريع في لحظة الصدمة التي تمنى بها الامّة وهي تشعر بفقدها لقائدها الكبير. هذه الصدمة التي تزعزع بطبيعتها سير التفكير وتبعث على الاضطراب، حتّى أ نّها جعلت صحابيّاً معروفاً يعلن- بفعل الصدمة- أنّ النبي صلى الله عليه و آله لم يمت ولن يموت[1].
وهناك الأخطار التي تنجم عن عدم النضج الرسالي بدرجة تضمن للنبي صلى الله عليه و آله سلفاً موضوعيّة التصرّف الذي سوف يقع، وانسجامه مع الإطار الرساليللدعوة، وتغلّبه على التناقضات الكامنة التي كانت لا تزال تعيش في زوايا نفوسالمسلمين، على أساس الانقسام إلى: مهاجرين وأنصار، أو قريش وسائرالعرب، أو
[1] تاريخ الطبري 3: 201 و 202