مكّة والمدينة.

وهناك الأخطار التي تنشأ لوجود القطّاع المتستّر بالإسلام والذي كان‏يكيد له في حياة النبي صلى الله عليه و آله باستمرار، وهو القطّاع الذي كان يسمّيه القرآن‏ب «المنافقين»[1].

وإذا أضفنا إليهم عدداً كبيراً ممّن أسلم بعد الفتح استسلاماً للأمر الواقع‏لا انفتاحاً على الحقيقة نستطيع أن نقدّر الخطر الذي يمكن لهذه العناصر أن تولّده، وهي تجد فجأة فرصة لنشاطٍ واسع في فراغٍ كبير مع خلوّ الساحة من‏رعاية القائد.

فلم تكن إذن خطورة الموقف بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله شيئاً يمكن أن يخفى على‏أيّ قائد مارس العمل العقائدي فضلًا عن خاتم الأنبياء.

وإذا كان أبو بكر لم يشأ أن يترك الساحة دون أن يتدخّل تدخّلًا إيجابياً في ضمان مستقبل الحكم بحجّة الاحتياط للأمر[2].

وإذا كان الناس قد هرعوا إلى عمر حين ضُرب قائلين: «يا أمير المؤمنين لو عهدت عهداً»[3] خوفاً من الفراغ الذي سوف يخلّفه الخليفة، بالرغم من التركّز السياسي والاجتماعي الذي كانت‏

 

[1] راجع سورة النساء: 138- 146، التوبة: 64- 68، الأحزاب: 12- 15، المنافقون: 1- 4 وغيرها من الآيات

[2] تاريخ الطبري 3: 428، مختصر تاريخ ابن عساكر 18: 308 و 309

[3] تاريخ الطبري 4: 228