فهرست

43

وإذا افترضنا أنّ القواعد الشعبية لإمامة أهل البيت لم يُتَح لها أن تكتشف واقع الأمر فلماذا سكتت الخلافة القائمة ولم تعمل لكشف الحقيقة إذا كانت في صالحها؟ وما كان أيسر ذلك على السلطة القائمة لو كان الإمام الصبيّ صبيّاً في فكره وثقافته كما هو المعهود في الصبيان، وما كان أنجحه من اسلوبٍ أن تقدِّم هذا الصبيّ إلى شيعته وغير شيعته على حقيقته، وتبرهن على عدم كفاءته للإمامة والزعامة الروحية والفكرية. فلئن كان من الصعب الإقناع بعدم كفاءة شخصٍ في الأربعين أو الخمسين قد أحاط بقَدَرٍ كبيرٍ من ثقافة عصره لتسلّم الإمامة، فليس هناك صعوبة في الإقناع بعدم كفاءة صبيّ اعتياديّ مهما كان ذكياً وفطناً للإمامة بمعناها الذي يعرفه الشيعة الإماميون، وكان هذا أسهل وأيسر من الطرق المعقَّدة وأساليب القمع والمجازفة التي انتهجتها السلطات وقتئذٍ.
إنّ التفسير الوحيد لسكوت الخلافة المعاصرة عن اللعب بهذه الورقة، هو أ نّها أدركت أنّ الإمامة المبكّرة ظاهرة حقيقية وليست شيئاً مصطنعاً.
والحقيقة أ نّها أدركت ذلك بالفعل بعد أن حاولت أن تلعب بتلك الورقة فلم تستطع، والتأريخ يحدِّثنا عن محاولاتٍ من هذا القبيل وفشلها، بينما لم يحدِّثنا إطلاقاً عن موقفٍ تزعزعت فيه ظاهرة الإمامة المبكّرة أو واجه فيه الصبيُّ الإمامُ إحراجاً يفوق قدرته أو يزعزع ثقة الناس فيه.
وهذا معنى ما قلناه من أنّ الإمامة المبكّرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت وليست مجرّد افتراض.

[الإمامة المبكّرة في رسالات السماء:]

كما أنّ هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء الذي امتدّ عبر الرسالات والزعامات الربّانية.