قانونٍ طبيعيّ لم يكن ذلك فصماً لعلاقةٍ ضروريةٍ بين الظاهرتين.

والحقيقة أنّ المعجزة بمفهومها الديني قد أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومةً بدرجةٍ أكبر ممّا كانت عليه في ظلّ وجهة النظر الكلاسيكية إلى علاقات السببية.

فقد كانت وجهة النظر القديمة تفترض أنّ كلّ ظاهرتين اطّرد اقتران إحداهما بالاخرى فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة، والضرورة تعني أنّ من المستحيل أن تنفصل إحدى الظاهرتين عن الاخرى، ولكنّ هذه العلاقة تحوّلت في منطق العلم الحديث إلى قانون الاقتران أو التتابع المطّرد بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة الغيبية.

وبهذا تصبح المعجزة حالةً استثنائيةً لهذا الاطّراد في الاقتران أو التتابع دون أن تصطدم بضرورةٍ أو تؤدّي إلى استحالة.

وأمّا على ضوء الاسس المنطقية للاستقراء[1] فنحن نتّفق مع وجهة النظر العلمية الحديثة في أنّ الاستقراء لا يبرهن على علاقة الضرورة بين الظاهرتين، ولكنّا نرى أ نّه يدلّ على وجود تفسيرٍ مشتركٍ لاطّراد التقارن او التعاقب بين الظاهرتين باستمرار، وهذا التفسير المشترك كما يمكن صياغته على أساس افتراض الضرورة الذاتية، كذلك يمكن صياغته على أساس افتراض حكمةٍ دعت منظِّم الكون إلى ربط ظواهر معيّنةٍ بظواهر اخرى باستمرار، وهذه الحكمة نفسها تدعو أحياناً إلى الاستثناء فتحدث المعجزة.

 

[1] راجع كتاب« الاسس المنطقية للاستقراء» للمؤلّف قدس سره