اليوم ولا على خطّها الطويل أن تتغلّب عليه وتغيّر من ظروفه وشروطه، فماذا يعني ذلك؟
إنّه يعني أنّ إطالة عمر الإنسان- كنوحٍ أو كالمهدي- قروناً متعدّدةً هي على خلاف القوانين الطبيعية التي أثبتها العلم بوسائل التجربة والاستقراء الحديثة، وبذلك تصبح هذه الحالة معجزةً عطّلت قانوناً طبيعياً في حالةٍ معيّنةٍ للحفاظ على حياة الشخص الذي انيط به الحفاظ على رسالة السماء.
وليست هذه المعجزة فريدةً من نوعها، أو غريبةً على عقيدة المسلم المستمدّة من نصّ القرآن والسنّة، فليس قانون الشيخوخة والهرم أشدّ صرامةً من قانون انتقال الحرارة من الجسم الأكثر حرارةً إلى الجسم الأقلّ حرارةً حتى يتساويا، وقد عُطِّل هذا القانون لحماية حياة إبراهيم عليه السلام حين كان الاسلوب الوحيد للحفاظ عليه تعطيل ذلك القانون، فقيل للنار حين القي فيها إبراهيم:
«قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ»[1]، فخرج منها كما دخل سليماً لم يصبه أذىً، إلى كثيرٍ من القوانين الطبيعية التي عُطِّلت لحماية أشخاصٍ من الأنبياء وحجج اللَّه على الأرض، فَفُلِقَ البحر لموسى[2]، وشُبِّه للرومان أ نّهم قبضوا على عيسى ولم يكونوا قد قبضوا عليه[3]. وخرج النبيّ محمد صلى الله عليه و آله و سلم من داره وهي محفوفة بحشود قريشٍ التي ظلّت ساعاتٍ تتربّص به لتهجم عليه، فستره اللَّه تعالى عن عيونهم وهو يمشي بينهم[4]. كلّ هذه الحالات تمثّل قوانين طبيعيةً عُطِّلت
[1] الأنبياء: 69
[2] قال تعالى:« فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ». الشعراء: 63
[3] قال تعالى:« وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ …». النساء: 157
[4] راجع سيرة ابن هشام 2: 127