ما يرفض وقوعه، بل إنّ اتّجاهاته القائمة فعلًا تشير إلى إمكان ذلك وإن لم يكن الصعود فعلًا ميسوراً لي أو لك؛ لأنّ الفارق بين الصعود إلى الزهرة والصعود إلى القمر ليس إلّافارق درجة، ولا يمثّل الصعود إلى الزهرة إلّامرحلة تذليل الصعاب الإضافية التي تنشأ من كون المسافة أبعد، فالصعود إلى الزهرة ممكن علمياً وإن لم يكن ممكناً عملياً فعلًا. وعلى العكس من ذلك الصعود إلى قرص الشمس في كبد السماء فإنّه غير ممكنٍ علمياً، بمعنى أنّ العلم لا أمل له في وقوع ذلك؛ إذ لا يُتصوّر علمياً وتجريبياً إمكانية صنع ذلك الدرع الواقي من الاحتراق بحرارة الشمس التي تمثّل أتّوناً هائلًا مستعراً بأعلى درجةٍ تخطر على بال إنسان.
وأقصد بالإمكان المنطقي أو الفلسفي: أن لا يوجد لدى العقل وفق ما يدركه من قوانين قَبْلية- أي سابقة على التجربة- ما يبرّر رفض الشيء والحكم باستحالته.
فوجود ثلاثة برتقالاتٍ تنقسم بالتساوي وبدون كسرٍ إلى نصفين ليس له إمكان منطقي؛ لأنّ العقل يدرك- قبل أن يمارس أيّ تجربةٍ- أن الثلاثة عدد فردي وليس زوجاً، فلا يمكن أن تنقسم بالتساوي؛ لأنّ انقسامها بالتساوي يعني كونها زوجاً، فتكون فرداً وزوجاً في وقتٍ واحد، وهذا تناقض، والتناقض مستحيل منطقياً. ولكنّ دخول الإنسان في النار دون أن يحترق، وصعوده للشمس دون أن تحرقه الشمس بحرارتها ليس مستحيلًا من الناحية المنطقية؛ إذ لا تناقض في افتراض أنّ الحرارة لا تتسرّب من الجسم الأكثر حرارةً إلى الجسم الأقل حرارة، وإنّما هو مخالف للتجربة التي أثبتت تسرّب الحرارة من الجسم الأكثر حرارةً إلى الجسم الأقلّ حرارةً إلى أن يتساوى الجسمان في الحرارة.
وهكذا نعرف أنّ الإمكان المنطقي أوسع دائرةً من الإمكان العلمي، وهذا