بل إنّ دليل الانفعال بالملاقاة يدلّ بمفرده على طهارة جميع أقسام المياه. أمّا القليل فلأ نّه مورد الدليل، وأمّا غيره فلأ نّه أولى بالطهارة الذاتية من القليل.
وبهذا تتحصّل طهارة تمام أقسام المياه بلحاظ ما ذكرناه من الروايات، وغير ما ذكرناه من سائر الأخبار التي تدلّ على طهارة الماء بأنحاءٍ من الدلالة.
الجهة الثانية: في دلالة الروايات على مطهّرية الماء من الحدث والخبث:
أمّا المطهّرية من الحدث فهي مفاد الأخبار البيانية في باب الوضوء والغسل[1]. وأمّا المطهّرية من الخبث فيدلّ عليها ما دلّ على مطهّرية الماء بعنوانها، من قبيل ما ورد من «أنّ بني اسرائيل كانوا إذا أصاب أحدهم قطرة بولٍ قرضوا لحومهم بالمقاريض، وقد وسَّع اللَّه تعالى عليكم، وجعل لكم الماء طهوراً»[2]. فإنّ المراد من الطهورية هنا المطهّرية بقرينة صدر الرواية.
وما دلّ على الأمر بالغسل: إمّا مطلقاً وإمّا مقيّداً بالماء[3]، فإنّ الأمر بالغسل إرشاد إلى نجاسة المغسول منه ومطهّرية الغسل، كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى، وكثير من النجاسات إنّما استفيد نجاستها من الأدلّة المتكفّلة للأمر بالغسل. وقد أشرنا سابقاً إلى أنّ الأدلّة التي استُفيدت منها نجاسة الشيء بعنوانها تدلّ أيضاً على
[1] وسائل الشيعة 1: 387- 400، الباب 15 من أبواب الوضوء. و 2: 229- 233، الباب 26 من أبواب الجنابة
[2] وسائل الشيعة 1: 134، الباب 1 من أبواب الماء المطلق، الحديث 4 مع اختلاف في اللفظ
[3] وسائل الشيعة 3: 395- 397، الباب 1 و 2 من أبواب النجاسات