ولا يخلو هذا الكلام من نظر:
أمّا أوّلًا فلأنّ القيد المدَّعى في منطوق دليل الاعتصام والمانع عن شموله لحالة المقارنة: تارةً يتصوّر أخذه في الشرط، واخرى في الجزاء، وثالثةً في الموضوع.
أمّا أخذه في الشرط فيعني أنّ مرجع القضية الشرطية إلى قولنا: «إذا بلغ الماء قدر كرٍّ ومرّ على الكرّية زمان بدون ملاقاةٍ فلا ينجّسه شي‏ء»، فيكون للاعتصام شرطان: الكرّية، ومرور زمانٍ على الكرّية بدون ملاقاة، فتدلّ القضية بالمفهوم على انتفاء الاعتصام بانتفاء أيِّ واحدٍ منهما، وهو يعني شمول المفهوم لصورة المقارنة بين الكرّية والملاقاة.
ولا يلزم من أخذ هذا القيد في الشرط وتقييد الكرّية بمرور زمانٍ عليها بدون ملاقاةٍ أن يقيّد الجزاء تقييداً مستقلًّا بالملاقاة المتأخّرة، بل مفاد الجزاء يبقى معبِّراً عن الحكم بعدم منجّسية الملاقاة للماء.
غير أنّ هذا الحكم منوط بتحقّق الشرط المركّب من أمرين، وأحد الأمرين مرور زمانٍ على الكرّية بدون ملاقاة، فإذا لم يمرّ زمان كذلك لا يحكم بعدم المنجّسية، وهو معنى الانفعال في صورة المقارنة.
وأمّا أخذه في الجزاء بنحوٍ يقيّد الجزاء بالملاقاة اللاحقة فكأنّ السيّد قدس سره يرى أنّ هذا يستلزم تقييد المفهوم بالملاقاة اللاحقة، فيكون المفهوم «أ نّه إذا لم يكن الماء قدر كرٍّ في زمانٍ لا ينجّسه الشي‏ء الملاقي له بعد ذلك»، فلا يشمل صورة المقارنة.
ولا أدري ماذا أراد قدس سره بصورة المقارنة التي تخرج من المفهوم على أساس الصياغة التي افترضها له؟
فإن كانت صورة المقارنة بين الملاقاة وآنِ حدوث القلّة فهذه‏