وأمّا القليل المسبوق بالكرّية الملاقي لها: فإن جهل التأريخان، أو علم تأريخ الملاقاة حكم فيه بالطهارة مع الاحتياط المذكور، وإن علم تأريخ القلّة حكم بنجاسته (1).
—————
(1) التحقيق في هذا الفرع: أنّ كلا الاستصحابين لا يجريان ولو فرض الجهل بتأريخهما معاً.
أمّا استصحاب عدم الملاقاة إلى حين القلّة فلأ نّه لا يحرز الانفعال إلّا بتوسط لازم عقلي، وهو وقوع الملاقاة في زمان القلّة؛ لوضوح أنّ مجرّد عدم الملاقاة قبلًا لا يكفي لتنجيس الماء إلّابلحاظ استلزامه لوقوعها بعد ذلك.
وأمّا استصحاب بقاء الكرّية إلى حين الملاقاة فإن فرض قيام دليلٍ على جعل الطهارة على عنوان الماء الكرّ الملاقي للنجاسة جرى الاستصحاب المذكور؛ لأنّه يكون من الاستصحابات المحرزة لجزء الموضوع، حيث إنّ الموضوع للطهارة بموجب هذا الفرض يكون مركّباً من ملاقاةٍ وكرّيّة، والاولى وجدانية، والثانية استصحابية.
وأمّا إذا لم تكن لدينا طهارة مجعولة على العنوان المذكور، وإنّما يحكم على الكرّ الملاقي للنجاسة بعدم الانفعال، باعتباره مصداقاً لنقيض موضوع الحكم بالانفعال فهذا يعني أنّ الحكم بالانفعال، قد ترتّب على موضوعٍ مركّبٍ من ملاقاةٍ وعدم كرّية، ونقيض هذا الموضوع مساوق لعدم الانفعال، وهو يحفظ تارةً في ماءٍ قليلٍ غير ملاقٍ للنجاسة، واخرى في ماءٍ كثيرٍ ملاقٍ للنجاسة.
فبناءً على هذا لا يجري استصحاب بقاء الكرّية إلى حين الملاقاة، إذ لا يراد به- على هذا التقدير- إحراز جزء الموضوع، بل نفي جزء الموضوع للحكم بالانفعال إلى زمانٍ، فيكون وزانه وزان استصحاب عدم الملاقاة إلى حين