استصحاب عدم الكرّية؟
قد يقال بعدم الجريان، إذ لا شكّ في العدم، حيث إنّ عدم الكرّية قبل الزوال مقطوع به، وبعده معلوم العدم فماذا يستصحب؟
وقد يقال في الجواب على ذلك: إنّ عدم الكرّية إن لوحظ مضافاً إلى عمود الزمان فلا شكّ فيه، ولكنّه إذا لوحظ بالإضافة إلى زمان وجود الآخر فهو مشكوك فيه، فيجري استصحاب عدم الكرّية إلى ذلك الزمان.
والتحقيق: عدم جريان الاستصحاب؛ وذلك لأنّ المراد باستصحاب عدم الكرّية إلى زمان وجود الملاقاة: إن كان ملاحظة زمان وجود الملاقاة بنحو الموضوعية بحيث نريد أن نثبت عدم الكرّية في زمان وجود الملاقاة بما هو زمان وجود الملاقاة- الذي مرجعه إلى إثبات التقيّد بين الجزءين- فهذا ممتنع؛ لأنّ عدم الكرّية المقيّد بزمان الملاقاة ليس له- بما هو مقيّد- حالة سابقة لتستصحب، وبذاته وإن كان له حالة سابقة ولكنّ استصحابه لا يمكن أن يحرز التقيّد إلّابنحو مثبت.
وإن كان المراد باستصحاب عدم الكرّية إلى زمان وجود الملاقاة: ملاحظة زمان وجود الملاقاة بنحو المعرِّفية الصرفة إلى واقع الزمان بحيث يكون الثابت بالاستصحاب التعبّد ببقاء عدم الكرّية في واقع الزمان- لا طريق لنا إلى الإشارة إليه إلّابعنوان أ نّه زمان وقوع الملاقاة، دون أن يكون هذا العنوان مأخوذاً في مصبّ التعبّد الاستصحابيّ- فهذا ممتنع أيضاً؛ لأنّ واقع ذلك الزمان مردّد بين زمانٍ نعلم بعدم الكرّية فيه، وزمانٍ نعلم بثبوتها فيه، فيبتلى‏ بمحذور استصحاب الفرد المردّد. وتتمّة الكلام في علم الاصول.
وعليه ففي فرض كون الكرّية معلومةَ التأريخ لا يجري الاستصحاب الموضوعيّ أصلًا، وتجري الاصول الحكمية المثبتة للطهارة.