الانفعال.
وقد يستشكل في هذا الاستصحاب: إمّا بلحاظ المنع عموماً من إجراء الاستصحاب في الأعدام الأزلية. وإمّا بلحاظ التفصيل في العوارض التي يراد استصحاب عدمها الأزليّ بين عوارض الماهية وعوارض الوجود، فلا يجري استصحاب العدم الأزليّ في الاولى، ويجري في الثانية، مع دعوى أنّ الكرّ من عوارض الماهية.
والكلام عن الكبرى الاصولية للمنع، أو الكبرى الاصولية للتفصيل موكول إلى الاصول، وقد حقّقنا في الاصول جريان الاستصحاب في العدم الأزليّ للوصف ما لم يكن الوصف من لوازم الشيء في لوح الواقع الذي هو أوسع من لوح الوجود، كالإمكان للإنسان، فإذا شكّ في ثبوت صفةٍ للشيء على نحو ثبوت صفة الإمكان للإنسان فلا يمكن استصحاب عدمها، إذ ليس لعدمها حالة سابقة.
وتفصيل الكلام في تحقيق ذلك في علم الاصول، وإنّما نقتصر في مجال البحث الفقهيّ على تحقيق أمرٍ صغروي.
حيث قيل كما في المستمسك[1]: إنّ الكرّية ليست من شؤون الماء في لوح الوجود ليستصحب عدمها، بل هي نحو سعةٍ في مرتبة الطبيعة، فلا يصحّ أن تشير إلى كرٍّ من الماء وتقول: «هذا قبل وجوده ليس بكرٍّ» لكي تستصحب عدم كرّيته الأزليّ عند الشكّ.
وهذا اللون من التصور للكرّية ليس صحيحاً؛ وذلك لأنّي حينما اشير إلى كرٍّ من الماء فإنّما اشير- في الحقيقة- إلى عددٍ كبيرٍ من جزيئات الماء ووحداته الأساسية التي اتّصل بعضها ببعضٍ اتّصالًا عرفيّاً، فنتج عن هذا الاتصال العرفي
[1] مستمسك العروة الوثقى 1: 165