نعم، يمكن بيان هذا التقريب بنكتةٍ اخرى، وهي: أنّ التنزيل وإن كان قداخذ في الآية الكريمة ولكنّ التنزيل باعتباره من مبادئ إيجاد الماء يختلف عن باقي خصوصيّات الماء التي تكون من شؤونه وأوصافه لا من مبادئ إيجاده، فهو كما يمكن أن يكون مأخوذاً على نحو الموضوعية بحيث يكون بعنوانه دخيلًا في موضوع الحكم بالمطهّرية كذلك يمكن أن يكون مأخوذاً على نحو الطريقية وبما هو طريق محض إلى إيجاد الماء، بحيث يكون تمام الموضوع للحكم بالمطهِّرية هو ذات الماء، ولا يكون للإنزال دور إلّابوصفه طريقةً في إيجاد الماء الذي هو تمام الموضوع.
وبعد التردّد بين الموضوعية والطريقية يمكن تعيين الطريقية بمناسبات الحكم والموضوع المركوزة في الذهن العرفي، فإنّ المرتكز بمناسبات الحكم والموضوع العرفية: أنّ موضوع المطهّرية العرفية طبيعيّ الماء، وأنّ الإنزال من السماء ليس له دخل في المطهّرية العرفية إلّابوصفه طريقاً لإيجاد ذات المطهّر الذي هو الماء. وهذا الارتكاز بنفسه يكون قرينةً لبِّيّةً ومنشأً لظهور الآية في كونه مأخوذاً على نحو الطريقية الصرفة إلى وجود ذات الماء، وبذلك ينعقد للآية الكريمة ظهور في مطهّرية طبيعيّ الماء.
هذا هو تمام الكلام في الجهة الاولى التي تبحث عن تحديد الموضوع في الآية الكريمة.
وأمّا الجهة الثانية من ناحية الحكم فهذه الآية أحسن حظّاً من الآية السابقة؛ لأنّ الكلمة فيها صريحة في المطهّرية، ولا تتطرّق إليها الإشكالات التي كانت في كلمة «طَهور»، وتحقيق مفاد هيئة «فعول».
ولكنّ السيّد الاستاذ- دام ظلّه- أثار بشأن هذه الآية ما نقلناه عنه في بحث الآية السابقة، من إبداء احتمال أن تكون المطهّرية في كلتا الآيتين مطهّرية