أوّلًا: أنّ أبعديّة احتمال الزيادة من احتمال النقيصة ليس أمراً مطّرداً حتّى مع فرض تساوي الروايتين في الضبط، فضلًا عن صورة كون المنقّص أضبط، وكون المزيد بنفسه منقّصاً في كتابٍ آخر؛ وذلك لأنّ بعض الزيادات تعتبر قريبةً من الذهن حسب المناسبات الارتكازية بحيث قد ينساق إليها الذهن بالتداعي، ومثل هذه الزيادة لا يكون احتمال خطأ الراوي في نقلها أبعد من احتمال خطأ الراوي الآخر في ترك نقلها. ومقامنا من هذا القبيل؛ لأنّ انتقال الذهن إلى فرض الطول بعد فرض العرض والعمق قريب من المناسبات المركوزة.
وثانياً: أنّ الأبعدية لو سلِّمت فلا تكفي ميزاناً للتقديم مالم يحرز بناء العقلاء على العمل بذلك، وجعل تلك الأبعدية النوعية حجّةً في مقام الترجيح.
وثالثاً: أ نّه لو سلِّم ذلك فإنّما يتمّ لو علمنا أنّ الشيخ في الاستبصار قد نقل الزيادة، مع أنّ نسخ الاستبصار مختلفة، ومع هذا الاختلاف لا يحصل الوثوق بواقع ما نقله الشيخ في الاستبصار.
وأمّا رواية أبي بصير فهناك أيضاً محاولات لاستفادة البعد الثالث منها ببعض العنايات لكي تصلح دليلًا على التحديد المشهور:
فمن تلك العنايات: أن يقال: إنّ البعدين- الطول والعرض- مندمجان في قوله: «إذا كان الماء ثلاثة أشبارٍ ونصف»؛ وذلك بأن يراد بهذا تقدير السطح، لاتقدير البعد، وحيث إنّ السطح له بعدان فحينما يقدّر ببعدٍ واحدٍ- وهو ثلاثة ونصف- يفهم أنّ المراد تحديد كلا بعديه بثلاثةٍ ونصف، إذ لا معنى لتقدير السطح ببعدٍ واحد.
ويرد على ذلك: أ نّا لو سلّمنا أنّ المقدّر بثلاثةٍ ونصفٍ هو السطح- لا أحد الأبعاد- فبالإمكان حمله على المدوَّر دون التزامٍ بعناية اندماج البعدين في تقديرٍ واحد؛ لأنّ سطح المدوَّر يقدّر ببعدٍ واحد وهو القطر. هذا، على أنّ فرض كون