بالدليل المفصّل تعيينه.
فالمقصود على الأوّل تعيين مصداق مفاد الدليل المجمل. وعلى الثاني تعيين نفس مفاده.
ومثال الأوّل: أن يرد السؤال عن حكم الوضوء من ماءٍ وقعت فيه قطرة الخمر، فقيل: «لا بأس»، فإنّ نفي البأس يدلّ على الجامع بين طهارة الخمر، أو اعتصام الماء. ولنفرض عدم وجود نكتةٍ في نفس الجواب تعيِّن أحد الأمرين، وإنّما نريد أن نعيِّن أنّ الجامع منطبق على اعتصام الماء بضمّ الدليل الخارجيّ الدالّ على نجاسة الخمر، فهذا تعيين لمصداق الجامع بالدليل الخارجي.
ومثال الثاني: أن يَرِدَ «أكرِمْ زيداً»، وهناك زيد بن خالد، وزيد بن سعيد، ويرد في دليلٍ آخر «لا تكرم زيد بن خالد»، ونريد أن نعيّن أنّ زيداً الذي أمر الدليل الأوّل بإكرامه هو زيد بن سعيد بقرينة الدليل الثاني، فهنا مفاد الدليل المجمل ليس هو الجامع، بل أحد الفردين بخصوصه. وكذلك إذا ورد «أنّ الكر ستمائة رطل» وورد في دليلٍ آخر «أنّ الكرّ ألف ومائتا رطلٍ بالعراقي»، ونريد أن نعيّن أنّ الرطل في الدليل الأوّل هو الرطل المكّيّ على ضوء الدليل الثاني الذي يأبى عن كونه ستمائة رطلٍ إلّابالمكّي.
فإن كان مفاد الدليل المجمل هو الجامع فهو في الحقيقة ليس مجملًا في مرحلة المدلول والمفاد، بل مبيَّناً وهو الجامع، فيكون حجّةً في إثبات الجامع.
والدليل الآخر الدالّ على نفي الفرد الثاني للجامع يدلّ بالالتزام على قضيةٍ شرطية، وهي: أ نّه لو كان الجامع موجوداً فهو موجود في الفرد الأوّل، والدليل على الجامع يدلّ على تحقّق شرط هذه القضية الشرطية، وبذلك يلزم من مجموع الدليلين ثبوت الجزاء فعلًا، وهو: أنّ الجامع موجود في الفرد الأوّل، وبذلك يرتفع الإجمال.