ولا يتوهّم أنّ قرينية دليلٍ فرع أن يكون له ظهور معتبر في شيءٍ لكي يجعل قرينةً على الدليل الآخر، وفي المقام لا ظهور معتبر في كلٍّ من الروايتين؛ لإجمالهما، فكيف تجعل قرينة؟!
لأنّ هذا التوهّم يندفع: بأنّ كلَّ واحدةٍ من الروايتين نصّ في أحد المعاني على البدل، فرواية محمّد بن مسلم- بما لها من النصوصيّة في أحد المعاني الثلاثة على البدل- تكون قرينةً على تعيين الرطل في المرسلة بالعراقي. ومرسلة ابن أبيعمير- بما لها من النصوصيّة في أحد المعاني الثلاثة على البدل- تكون قرينةً على تعيين الرطل في رواية محمّد بن مسلم في الرطل المكيّ.
ومن أجل أن ندرس الفكرة الأساسية التي يقوم عليها هذا التقريب يجب أن نتكلّم في مرحلتين:
الاولى: في كبرى تعيين مفاد الدليل المجمل بدليلٍ آخر مفصّل، وهي كبرى تحتاج إلى تحقيقٍ وتنقيح؛ لأنّها لم تدرس في كلمات فقهائنا بصورةٍ خاصّة.
والثانية- بعد الفراغ عن صحّة تلك الكبرى- ندرس ما إذا كان بالإمكان تعيين مفاد دليلين مجملين، كلّ منهما بقرينية الآخر على النحو الذي نُعَيِّن به مفاد الدليل المجمل بقرينية الدليل المفصّل.
المرحلة الاولى:
أمّا المرحلة الاولى من البحث فتحقيق الحال فيها: أنّ الدليل المجمل الذي يراد رفع إجماله بالدليل المفصّل: تارةً يكون مفاده الجامع بين أمرين.
ونريد بالدليل المفصّل الذي ينفي أحد فردي هذا الجامع: أن نعيِّن الجامع في فرده الآخر.
واخرى يكون مفاده أحد الأمرين بخصوصه، ولكنّه مشتبه علينا ونريد