بأدلّة انفعال الماء القليل بعين النجس.
الثالث: أن يقال: سلّمنا أنّ رواية زرارة ليست ظاهرةً في النظر إلى حيثية تساقط القطرات، وسلّمنا عدم الإطلاق في جواب الإمام عليه السلام وافترضنا إجماله.
فغاية ذلك: أنّ مفاد جواب الإمام يكون مردّداً بين الحكم بعدم انفعال ماء الدلو بملاقاة عين النجس والحكم بعدم انفعال ماء الدلو بملاقاة المتنجّس. وهو على الأوّل يدلّ بالالتزام والأولويّة على أنّ ماء الدلو لا ينفعل بملاقاة المتنجّس، وعلى الثاني يدلّ بالمطابقة على ذلك. وهذا يعني أنّ هذا الدليل المجمل يعلم بدلالته على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس على كلّ تقديرٍ: إمّا مطابقةً وإمّا التزاماً، ولا يعلم بدلالته على عدم الانفعال بملاقاة عين النجس، فيؤخذ بما هو المتيقّن من دلالته، وهو دلالته على عدم انفعال الماء القليل بالمتنجّس.
وهذه الدلالة لم تحرز معارضة أدلّة انفعال الماء القليل لها؛ لاحتمال أن تكون دلالةً مطابقيةً، لا التزاميةً بتبع نفي الانفعال بالنجس رأساً.
فهناك إذن دلالة على عدم انفعال الماء القليل بالمتنجّس ولم يحرز وجود معارضٍ لها. وعدم العلم بالمعارض كافٍ للحجّية، فتكون حجّةً ودليلًا في نفسها على عدم الانفعال.
والتحقيق: عدم صحّة هذا البيان؛ لأنّ مرجعه إلى دعوى وجود علمٍ إجماليٍّ بدلالةٍ في رواية زرارة على عدم الانفعال بالمتنجّس، مردّدةٍ بين الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية. وهذا العلم الإجماليّ لا أثر له؛ لأنّ الدلالة الالتزامية لرواية زرارة على عدم الانفعال بالمتنجّس يعلم بعدم حجّيتها: إمّا لانتفائها، وإمّا لسقوطها بتبع سقوط الدلالة المطابقية، فلا يكون العلم الإجماليّ بالدلالة المردّدة بين دلالةٍ ليست بحجّةٍ جزماً ودلالةٍ صالحةٍ للحجّية منجّزاً.
وأمّا دعوى: أنّ عدم إحراز المعارض كافٍ للحجّية فيرد عليها: أنّ ذلك‏