اعتصام الماء الواقعة في المرتبة الثانية. ومثل رواية أبي مريم، وزرارة الصريحة عرفاً في عدم الانفعال الواقعة في المرتبة الرابعة، فإنّ المرتبة الثالثة عندئذٍ تتمحّض للروايات الظاهرة في انفعال الماء القليل بدون معارضٍ في درجتها، فتكون هي المرجع بعد تساقط روايات الرتبة الرابعة بالتعارض.
ومّما ذكرناه في تصوير هذا الوجه يتحصّل ميزان كلِّيّ لعلاج الروايات المتعارضة له آثار كثيرة في الفقه.
والفكرة الأساسية في هذا الميزان هي: أ نّنا لا ينبغي أن نأخذ الروايات الدالّة على حكمٍ والروايات الدالّة على نفيه ككلٍّ بحيث تلحظ هذه المجموعة وتلك المجموعة ونعاملهما معاملة الروايتين المتعارضتين، فنحكم بتساقط المجموعتين على طريقة تساقط الروايتين. بل لابدّ من تنسيق رتب الروايات في داخل كلّ مجموعة، فقد تشتمل إحدى المجموعتين على رتبتين من الظهور، بينماتشتمل المجموعة الاخرى على رواياتٍ كلِّها من الرتبة الأقوى من الظهور التي تصلح للقرينية على روايات الرتبة الثانية من الظهور في المجموعة الاولى.
ففي هذه الحالة تقع روايات المجموعة الاخرى طرفاً للمعارضة مع روايات الرتبة الأقوى من الظهور في المجموعة الاولى.
وأمّا روايات الرتبة الثانية من الظهور في المجموعة الاولى فلا يمكن أن تقع طرفاً للمعارضة مع روايات المجموعة الاخرى؛ لأنّ روايات المجموعة الاخرى صالحة- بحسب الفرض- للقرينية عليها، وذو القرينة يستحيل أن يعارض القرينة، فتتعين الرتبة الثانية من المجموعة الاولى للمرجعية.
وهذه الفكرة الأساسية هي نفسها الفكرة الأساسية التي التزم الفقهاء بموجبها بالرجوع إلى العامِّ الفوقانيِّ بعد تساقط الخاصّين، حيث يتعيّن الرجوع إلى العامّ ببرهان استحالة وقوعه طرفاً للمعارضة مع الخاصّ المنافي له؛ لأن