انطباق عنوان المعارض للسنّة القطعية عليه لكي يتوقّف على عدم صلاحيته للقرينية، بل على أساسٍ آخر يتمّ ولو فرضنا الصلاحية للقرينية؛ وذلك لأنّ صلاحيّته للقرينية لا تنافي أن يكون كلّ خبرٍ من الأخبار الدالّة على عدم الانفعال بظهوره كاشفاً كشفاً وجدانياً ناقصاً عن بطلان الحكم بعدم الانفعال، بقطع النظر عن أدلّة الحجّية التعبّدية.
وحينما تكون أخبار الانفعال كثيرة جدّاً فنضمّ كاشفية كلّ واحدٍ منها الوجدانية إلى كاشفية الآخر، ويتّفق أن يحصل بذلك اطمئنان شخصيّ بالانفعال نتيجةً لتراكم الأمارات الاحتمالية، ومعه يسقط الخبر الدالّ على الانفعال ولو كان صالحاً للقرينية في نفسه لو انفرد مع أيّ واحدٍ من الاخبار الدالّة على الانفعال.
الوجه الرابع: أن يفترض استحكام التعارض بين الطائفتين مع وجود مقتضي الحجّية في كلّ منهما، وتقدّم الطائفة الدالّة على عدم الانفعال إعمالًا للمرجّح الاول في باب التعارض بين الخبرين، وهو موافقة الكتاب، حيث إنّ مادلّ على عدم الانفعال، يثبت الطهارة والطهورية للماء، فيوافق إطلاق طهورية الماء في القرآن الكريم.
وهذا الوجه يتوقّف على التسليم بوجود إطلاقٍ قرآنيٍّ يدلّ على طهارة الماء، ولا يكفي افتراضه من ناحية أفراد الماء فحسب، بل لابدّ أن يكون له نظر أحواليّ وأزمانيّ بحيث يدلّ على ثبوت الطهارة للماء في تمام حالاته المتعاقبة.
وقد مرّ- في أوائل هذا الكتاب- أنّ هذا الإطلاق غير موجودٍ في القرآن الكريم.
الوجه الخامس: بعد افتراض استحكام التعارض بين الحجّتين وخُلُوّ الكتاب الكريم من الحكم يُطبَّق المرجّح الثاني، وهو مخالفة العامة، فتحمل الروايات الدالّة على عدم الانفعال على التقية؛ لموافقتها للعامّة.