حملها على المطهّرية من القذر التكويني- إمّا بدعوى إطلاق المطهّرية لكلتا المطهّريّتين، وإمّا بدعوى حكومة أدلّة التعبّد بقذارة النجاسات الشرعية على الآية الشريفة، بتقريب: أنّ الآية تدلّ على أنّ الماء مطهّر من القذر الحقيقيّ التكويني، ودليل جعل النجاسة مفاده التعبد بكون النجس الشرعيّ فرداً من القذر الحقيقي؛ لأنّ مرجع النجاسة الشرعية إلى اعتبار القذارة الحقيقية للشيء، وبذلك يوجِد دليل جعل النجاسة بالحكومة والتعبد فرداً من القذر الحقيقيّ الذي تكفَّلت الآية بإثبات مطهّرية الماء له.
وكلتا الدعويين غير تامّة:
أمّا الاولى فلأنّ كلمة «طهور» في قولنا: «الماء طهور» تقع محمولًا، والمحمول يدلّ على صرف الوجود، ولا معنى للتمسّك بإطلاقه لإثبات اتّصاف الموضوع بتمام أفراده، وإنّما يجري الإطلاق في طرف الموضوع. فإذا قلنا مثلًا:
«الشيخ المفيد عالم» لا معنى للتمسّك بإطلاق المحمول لإثبات أن المفيد عالِم بتمام العلوم، بخلاف ما إذا وقع العالم موضوعاً فقلنا: «العالِم يفيد البشرية»، فإنّ بالإمكان التمسّك بالاطلاق في جانبه، بوصفه موضوعاً لإثبات أنّ تمام أفراد العالِم مفيدون.
وأمّا الدعوى الثانية فيردّها: أنّ الحكومة إنّما تتمّ لو كان المحكوم مبيّناً لحكمٍ شرعي، لا إخباراً عن أمرٍ تكويني؛ لأنّ الحكومة توسعة مولوية وتعبّدية لموضوع الدليل المحكوم مثلًا، وهذا إنّما يعقل فيما إذا كان مفاد الدليل المحكوم مجعولًا تشريعياً تحت سلطان المولى بما هو مولى. وأمّا إذا كان مفاده أمراً تكوينياً فلا معنى لإعمال المولوية والعناية التعبدية في توسعة موضوعه، والمفروض في المقام أنّ الآية الكريمة في مقام الإخبار عن أمرٍ تكوينيٍّ امتناني، فلا تتمّ الحكومة.