إلّا بالكثرة، فيصبح أخذ عنوان ماء البئر في الصحيحة لغواً. وحيث إنّ حمل كلام الحكيم على اللغو غير ممكنٍ فيكون هذا موجباً لتقدّم رواية ابن بزيع على دليل الانفعال.
هذا حاصل ما أفاده السيّد الاستاذ- دام ظلّه- في تحقيق النسبة بين الدليلين بلحاظ الاستدلال بالتعليل في رواية ابن بزيع، وبلحاظ الاستدلال بصدر الرواية.
وما أفاده على كلا اللحاظين فيه بحث:
أمّا ما أفاده بناءً على ما اختاره من الاستدلال بالتعليل بالمادة الوارد في ذيل رواية ابن بزيع فتوضيح الحال فيه:
إنّ دعوى الأخصّية على هذا التقدير إنّما تتمّ لو كان الاستدلال بالتعليل على النحو الذي بيّنّاه في الوجه الثالث من الوجوه الخمسة المتقدّمة لتقريب دلالة الرواية، فإنّ التعليل على هذا الوجه يكون تعليلًا لنفس الحكم بالاعتصام ابتداءً، فلا يمكن أن يختصّ الاعتصام المعلّل بالكثير؛ لأنّ اعتصام الكثير مستند إلى ذاته، لا إلى مادته، فالتعليل بنفسه يكون قرينةً على أنّ الملحوظ هو الماء القليل ذو المادة، فيكون أخصّ مطلقاً من دليل الانفعال.
غير أنّ السيّد الاستاذ- دام ظلّه- لم يستدلَّ بالرواية بذلك التقريب، بل افترض رجوع التعليل إلى ارتفاع النجاسة، لا إلى الاعتصام، واستفاد الاعتصام من أولوية الدفع من الرفع عرفاً، فالمدلول المطابقيّ للتعليل ليس هو بيان ملاك الاعتصام، بل بيان ملاك المطهّرية والرافع للنجاسة بعد زوال التغيير.
وإذا كان هذا هو مدلول التعليل فمن الواضح أنّ شموله للتعليل إنّما يكون بالإطلاق، لا بالنصوصية، وهو كأيّ إطلاق آخر قابلٍ للتقييد دون أن يلزم محذور زائد، بأن يلتزم- مثلًا- بأنّ مطهّرية المادة للماء المتنجّس تختصّ بما إذا كان