كرّاً لم يحمل خبثاً»، بدعوى: أنّ المنفيّ فيه جامع الحمل المنطبق على الحمل في زمان فعلية التغيّر، والحمل بعد انتهاء التغير، وخرج منه بلحاظ أخبار النجاسة بالتغيّر زمان فعلية التغيّر، وأمّا زمان ما بعد زوال التغيّر فهو باقٍ تحته، فيتمسّك به لإثبات الطهارة والاعتصام.

وبما ذكرناه ظهر: أنّ خبر «إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً»[1] لا يكفي بمفرده للاستدلال به على القول بالطهارة ولو صحّ سنداً وتمّ دلالةً، بل لا بدّ أن يضمّ إليه قصور أخبار التغيير عن الإطلاق، وإلّا كان إطلاقها مقدّماً لكونها أخصّ مطلقاً من الخبر المذكور.

الثاني: من التقريبين للمناقشة في التمسّك بالإطلاق دعوى‏ وجود المقيّد، وهو قوله: «حتّى يطيب الطعم» في رواية ابن بزيع‏[2].

وهذه الدعوى تتوقّف على مجموع أمرين:

أحدهما: أن تكون «حتّى» تعليليةً لا غائية، وهذا يعني أنّ مفاد العبارة هو تعليل الأمر بالنزح بزوال التغيّر، ومقتضى قانون التعليل أن يكون الحكم المعلّل- وهو الحكم بالمطهّرية الذي سيق الأمر بالنزح إرشاداً إليه- دائراً مدار العلّة، وهي زوال التغيّر، فيثبت أنّ زوال التغيّر مطهّر.

والأمر الآخر: أن لا يكون قوله: «لأنّ له مادّة»، تعليلًا لمطهّرية زوال التغيّر المستفاد من التعليل الأوّل، وإلّا لكان يعني اشتمال الخبر على تعليلين طوليّين: تعليل مطهّرية النزح بزوال التغيّر، وتعليل مطهّرية زوال التغيّر بالمادة.

ومقتضى التعليل الثاني إناطة الطهارة بالاتّصال بالمادة لا بمجرّد زوال التغيّر.

 

[1] مستدرك الوسائل 1: 198، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 6

[2] وسائل الشيعة 1: 141، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 12