ولكن يمكن توجيه التفصيل بأن يقال: إنّ المستفاد من أخبار التغيير:
اعتبار الملاقاة والتغيير معاً في الحكم بالانفعال، ولكن لا على نحوٍ طوليٍّ بحيث يكون المعتبر تغيير النجس الملاقي بما هو ملاقٍ ليرجع إلى اشتراط استناد التغيّر إلى الملاقاة محضاً، بل على نحوٍ عرضيٍّ بحيث يكون المعتبر في الانفعال أن يتّصف نجس واحد بأ نّه ملاقٍ وأ نّه مغيّر، فتكون الملاقاة والتغيير وصفين عَرضِيّين للشيء الذي حكم بأ نّه منجّس.
فعلى هذا يتّجه التفصيل والحكم بعدم الانفعال عند التغيّر بالمجاورة محضاً؛ لعدم وجود جزء الموضوع وهو الملاقاة، والحكم بالانفعال عند التغيّر بالمجموع من الداخل والخارج؛ لأنّ كلا جزئي الموضوع محقّق.
فلابدّ من تحقيق: أنّ الملاقاة والتغيّر هل لوحظا بنحوٍ طوليٍّ، أو بنحوٍ عرضي؟ وفي هذا المجال يمكن أن يقال: إنّ جملةً من روايات الباب- التي تصدَّت إلى بيان عدم الانفعال بدون تغيّر، وثبوته مع التغيّر- لم يؤخذ في موضوعها عنوان الملاقاة، من قبيل: رواية حريز «كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ، فإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا توضّأ»[1].
ومقتضى الجمود على إطلاق كلٍّ من نفي الانفعال في الجملة الاولى وإثبات الانفعال في الجملة الثانية شموله للمجاور أيضاً، ولكن لمّا كان عدم الانفعال بالمجاور من دون تغييرٍ ليس مترقّباً عرفاً فينصرف موضوع نفي الانفعال في الجملة الاولى إلى ما كان له ملاقاة مع الماء، وبلحاظ ظهور الجملتين في وحدة الموضوع يسقط إطلاق الحكم بالانفعال في الجملة الثانية لصورة المجاورة المحضة ويختصّ بفرض الملاقاة. وهذا يعني دخل الملاقاة في الحكم بانفعال الماء المتغيّر.
[1] وسائل الشيعة 1: 137، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1