الثالث: إبداء أنّ كلمة «حتّى» في قوله: «حتى يطيب الطعم»، تعليلية لا غائية، بأن يقال: إنّ قوله: «فينزح حتّى يطيب الطعم» معناه: فينزح لكي يطيب الطعم، فكأ نّه قال: أذهِب الريح فيطهر؛ لأنّ له مادة.
ولا إشكال بناءً على استفادة التعليلية في إلغاء خصوصيّة النزح رأساً، إذ يكون مجرّد استطراقٍ إلى حصول مدخول «حتّى» وهو زوال التغيّر، فلا يكون مأخوذاً بما هو إنزال دلو، ولا بما هو أداة مزج، بل بما هو مؤدٍّ إلى صرف زوال التغيّر؛ وذلك بقرينة «حتّى» بعد فرض كونها تعليلية، فيندفع الاشكال، إذ يكون المطهّر هو زوال التغيّر، وقد علِّلت مطهّرية زوال التغيّر بالمادة، ومقتضى قانون التعليل وإطلاقه كون التغير مطهّراً ما دامت المادة محفوظة، سواء حصل الامتزاج أم لا.
ولكنّ الكلام في استظهار التعليلية من «حتى» مع كونها ظاهرةً في الغائية بحسب طبعها، ولا أقل من الإجمال الموجب لعدم تمامية هذا التقريب.
الرابع: وهو التحقيق في المقام، وحاصله: أنّ ماء البئر في مورد رواية ابنبزيع قد فرضناه متغيّراً، وكلّما ينزح منه ينضمّ ماء جديد إلى هذا الماء المتغيّر ويتنجّس به، إذ يتغيّر بتغيّره. غير أنّ التغيّر يضعف بالتدريج حتى يزول، وبمجرد زوال التغيّر يطهر هذا الماء.
وفي هذه الحالة إذا لاحظنا هذا الماء في آن زوال التغيّر نجد أنّ هذا الماء في آن زوال التغيّر ماء متنجّس كلّه: إمّا للتغيّر بعين النجس، أو للتغيّر بالماء المتنجّس الحامل لأوصاف عين النجس. وبمجرّد زوال التغيّر يحكم عليه بالطهارة بمقتضى رواية ابن بزيع، مع أ نّه لم يحصل امتزاج بعد زوال التغيّر؛ لأنّ الامتزاج المفروض في الرواية إنّما هو قبل زوال التغيّر، فيظهر من هذا أ نّه يكفي في الحكم بالمطهّرية مجرّد الاتّصال.