موضوعاً للإنزال، فالإنزال تعلّق بالماء الطهور، لا أنّ الطهوريّة تعلّقت بالماء النازل، وهذا يعني: أنّ الطهورية ثابتة للماء في المرتبة السابقة على الإنزال، وإذا ثبتت طهارته بما هو ماء ثبتت طهارة جميع المياه.
وفيه: أنّ هذا غاية ما يدلّ عليه: أنّ الإنزال من السماء ليس بما هو إنزال دخيلًا في موضوع الحكم بالطهوريّة، ولكنّه لا ينفي دخالة أمرٍ آخر يكون الإنزال معرِّفاً عنه ومساوقاً له، وحيث إنّ الموضوع لا إطلاق فيه لغير النازل فلا يمكن نفي دخالة ذلك الأمر الآخر بالإطلاق.
ثمّ لو قطع النظر عن كلّ هذه المناقشات وفرض شمول الآية الكريمة لتمام أقسام المياه فغاية ما تدلّ عليه: طهوريّة الماء حين إنزاله، بمعنى كونه طاهراً بطبعه، وليس لها إطلاق أحواليّ يدلّ على دوام طهوريّته. ففي موارد الملاقاة مع المتنجّس ونحو ذلك- التي هي موارد الشكّ في الطهارة والمطهّرية- لا يمكن التمسّك بالإطلاق.
الوجه الثاني: أنّ كلمة «ماء»، في الآية الشريفة نكرة في سياق الإثبات، فلا تفيد العموم.
واجيب عن ذلك بوجهين:
الأوّل: ما ذكره السيّد الاستاذ- مدّ ظلّه- من: أنّ الآية الشريفة في مقام الامتنان على جميع العباد، وفي كلّ بلدٍ من بلادهم يوجد قسم من المياه، فلكي يكون الامتنان على الجميع لا بد أن يراد بالماء تمام تلك الأقسام[1].
وفيه: أنّ هذا إنّما يتمّ لو لم يكن قسم من المياه مشتركاً بين تمام البلاد والعباد، لكنّ ماء المطر مشترك بين تمامها، فيكفي إرادته من الآية لتصحيح
[1] التنقيح 1: 19