أبي‏بصير، ويتعيّن عندئذٍ الالتزام بتقيّد هذين الإطلاقين بلحاظ الحصر المستفاد من أداة الاستثناء؛ لأن الإطلاق في منطوق رواية أبي بصير، أو في المستثنى الوارد في الرواية المختصرة لابن بزيع ثابت بمقدّمات الحكمة، وأمّا حصر المنجّس بالتغيّر الطعميّ والريحيّ فهو ثابت بالظهور الوضعيّ بحسب الفرض، فيقدّم الظهور الوضعيّ لأداة الاستثناء في الحصر على الإطلاقين المذكورين، بناءً على تقدّم الظهور الوضعيّ على الظهور الإطلاقي.
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بأنّ أداة الاستثناء لا تدلّ وضعاً إلّاعلى إخراج مدخولها عن حكم المستثنى منه. وأمّا أنّ الخارج منحصر به فلا دلالة لأداة الاستثناء وضعاً على ذلك، وإنّما ينفي خروج غير المدخول عن حكم المستثنى منه، تمسّكاً بإطلاق المستثنى منه، فإنّه بناءً على هذا يكون طرف المعارضة مع الإطلاقين الدالّين على كفاية مطلق التغيّر إطلاق المستثنى منه في الرواية المفصّلة لابن بزيع، والنسبة حينئذٍ هي العموم من وجهٍ كما تقدّم.
والتقريب الآخر أن يقال: إنّ المقيّد لإطلاق المستثنى في الرواية المختصرة لابن بزيع مفهوم الوصف في عقد المستثنى من الرواية المفصّلة لابن‏بزيع، فإنّ عقد المستثنى في الرواية المفصّلة دلّ على ثبوت الانفعال بالتغيّر الطعميّ والريحيّ، ومنطوقه وإن كان مثبتاً ولا يعارض إطلاق المستثنى منه في الرواية المختصرة لابن بزيع ولكنّه بمفهوم الوصف فيه يدلّ على انتفاء الانفعال عند الوصف الذي قيّد به التغيّر، وهو الطعمية والريحية.
فهو من قبيل أن يقال: «لا يجب عليك إكرام أحدٍ سوى العالم»، ويقال:
«لا يجب عليك إكرام أحدٍ سوى العالم العادل»، فإنّ إطلاق العالم في المستثنى الوارد في القول الاول يقيّد بمفهوم الوصف في المستثنى الوارد في القول الثاني؛ لأنّ مقتضى مفهوم تقيّد العالم بوصف العادل في المستثنى الوارد في القول الثاني‏