وأن يكون التغيّر حسّياً (1)، فالتقديري لا يضرّ، فلو كان لون الماء أحمر أو أصفر فوقع فيه مقدار من الدم كان يغيّره لو لم يكن كذلك لم ينجس. وكذلك إذا صبّ فيه بول كثير لا لون له بحيث لو كان له لون غيَّره. وكذا لو كان جائفاً فوقع فيه ميتة كانت تغيّره لو لم يكن جائفاً، وهكذا، ففي هذه الصور ما لم يخرج عن صدق الإطلاق محكوم بالطهارة على الأقوى.
–
التغيّر ويعدمه، وليس ذلك إلّالتغيّره بملاقاة المتنجّس الحامل لأوصاف عين النجس، فيثبت بذلك أنّ المتغيّر بهذا النحو منجّس.
ولا بدّ أن يلاحظ بصدد هذا الوجه: أنّ النبع المتجدّد إذا افترضنا أ نّه يمتزج عادةً بالماء المتغيّر خلال عملية النزح فهذا يعني أنّ خطّ اتصاله بالنبع ينقطع، ويتخلّل بينه وبين منبعه الماء المتغيّر النجس، فيكون ماءً قليلًا، وينفعل بملاقاة الماء المتنجّس على القاعدة، ولا يكون داخلًا فيما هو محلّ الكلام.
فالاستدلال بالوجه المذكور- على أنّ الماء المعتصم ينفعل بالتغيّر بملاقاة الماء المتنجّس- يتوقّف على أن لا يكون فرض النزح في رواية ابن بزيع مساوقاً لامتزاج ما يتجدّد نبعه وتخلّله في الماء المتغيّر النجس، وإلّا لكان ماءً قليلًا، وخرج عن كونه معتصماً بانقطاع خطّ اتّصاله عن منبعه، ومعه ينفعل بالملاقاة ويخرج عن موضوع مسألتنا.
ثمّ إنّ هذا الوجه وسابقيه لو تمّ شيء منها فإنّما يثبت انفعال الماء عند التغيّر بالماء المتنجّس المتغيّر، لا عند التغيّر بكل متنجّسٍ يحمل أوصاف النجس.
***
(1) إنّ البحث عن كفاية التغيّر التقديري وعدم كفايته من أهمّ بحوث الباب،