النقطة الثالثة: أ نّه لو فرض عدم وجود العامّ الفوقانيّ وعدم شمول دليل الاستصحاب لمفروض الكلام فهل يمكن التمسّك بدليل قاعدة الطهارة لإثبات طهارة تمام الماء؟
إنّ تحقيق ذلك مربوط بنكتةٍ أشرنا إليها سابقاً، فقد ذكرنا في ما تقدّم: أنّ دليل قاعدة الطهارة لا يشمل موارد الشكّ في بقاء النجاسة، لا من أجل حكومة دليل الاستصحاب لكي يتمسّك به، حيث لا يوجد استصحاب حاكم، بل من أجل قصورٍ في إطلاقه في نفسه.
الوجه الثالث: استفادة ذلك من رواية ابن بزيع، بتقريبٍ حاصله: أنّ الإمام عليه السلام قد أمر فيها بنزح ماء البئر حتّى يطيب طعمه، حيث إنّ النزح يوجب تجدّد نبع المادة، وكلّما نبعت المادة يخفّ التغيّر حتّى يزول، فما لم يزل التغيّر يحكم بنجاسة الماء، وهذا يعني أنّ المتجدّد نبعه من المادة ينفعل ما لم يغلب على‏
__________________________________________________

– بالخطاب- فلا محالة يبتلى دليل الاستصحاب بالإجمال، وعدم شمول شي‏ءٍ من الاستصحابات الثلاثة.
وإذا كان المدرك لعدم تبعض حكم الماء الواحد هو الاجماع الذي لا يشكِّل قرينةً متّصلةً بل منفصلةً فالبيان المذكور تامّ عندئذٍ، حيث يجري استصحاب الطهارة في الماء الكرّ لإثبات طهارة تمام الماء. ولا يعارض باستصحاب النجاسة فيما كان متغيّراً؛ لأنّ دليل الاستصحاب بلحاظه قد ابتلي بالإجمال الداخليّ على أساس المناقضة مع استصحاب عدم الجعل الزائد. وأمّا المنافاة بينه وبين استصحاب الطهارة فليست قائمةً على أساس قرينةٍ متّصلةٍ داخليةٍ كي يصبح مجملًا فيه أيضاً، وإنّما تقوم على أساس الإجماع الذي لا يشكِّل إلّاقرينةً خارجيةً منفصلةً لا تمنع عن انعقاد الإطلاق في نفسه، إذن، فإطلاق الدليل لاستصحاب الطهارة تامّ، بخلاف إطلاقه لاستصحاب النجاسة، فيثبت الأوّل، ويسقط الثاني لا محالة؛ لأنّ المجمل لا يمكنه أن يعارض المبيَّن‏