وحول ما أفاده السيّد الاستاذ عدّة نقاطٍ لا بدّ من تحقيقها:
النقطة الاولى: أنّ الرجوع إلى الاصول العملية- بعد تساقط الإطلاقين- فرع عدم وجود عامٍّ فوقاني، وإلّا تعيّن الرجوع إليه بعد التساقط، فمثلًا: لو لوحظت رواية عمّار «سألته عن الدَنِّ يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه خلّ أو ماء أو كامخ أو زيتون؟ قال: إذا غسل فلا بأس»[1] وقلنا بأ نّها تدلّ على انفعال ما في الدَنّ بملاقاة المتنجّس؛ نظراً إلى أنّ الدَنّ متنجّس بالخمر، سواء كان كرّاً أو أقلّ من كرّ، إذا قيل بذلك أمكن جعل الرواية مطلقاً فوقانياً، دالًاّ بإطلاقه على انفعال الكرّ من الماء بملاقاة المتنجّس، سواء تغيّر أو لم يتغيّر.
وهذا المطلق مخصّص بدليل اعتصام الماء الكرّ الدالّ على عدم الانفعال، غير أنّ هذا المخصّص قد وقع إطلاقه طرفاً للمعارضة مع إطلاق رواية ابن بزيع، بالنحو الذي بيّنه السيّد الاستاذ، ففي مورد ابتلاء المخصّص بالمعارضة يرجع إلى العامّ الفوقاني، فيتمسّك به لإثبات انفعال الماء الكرّ بملاقاة المتنجّس المقرونة بالتغيّر التي هي مادة التعارض بين دليل الاعتصام ورواية ابن بزيع.
النقطة الثانية: أ نّه لو لم يكن هناك عامّ فوقانيّ وتعيّن الرجوع إلى الاصول العملية فلا نسلّم عدم إمكان إجراء الاستصحاب على كلا المبنيين في جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.
وتوضيح ذلك: أ نّنا تارةً نقول بأنّ الماء الواحد لا يتبعّض حكمه من حيث الطهارة والنجاسة واقعاً، مع إمكان تبعّضه في مقام التعبّد والحكم الظاهري.
واخرى نقول بأ نّه لا يمكن أن يتبعّض ويتّصف بعضه بالطهارة وبعضه بالنجاسة، لا واقعاً ولا ظاهراً.
[1] وسائل الشيعة 3: 494، الباب 51 من أبواب النجاسات، الحديث 1