فإن قيل: إنّ مغايرة الحيثية للطعم، مع الحيثية الموجبة للنجاسة موجودة في بعض النجاسات العينية أيضاً، كحليب الكافرة.
قلنا: إنّ ما كان من هذا القبيل من النجاسات العينية وإن لم يكن مشمولًا لإطلاق الرواية؛ لعدم كون الطعم فيها خبيثاً ولكن يتعدّى في الحكم إليها؛ لعدم احتمال الفرق فقهياً بين التغيّر بنجسٍ دون نجس، خلافاً للمتنجّسات التي لا يمكن التعدّي في الحكم إليها بعد عدم شمول الإطلاق للتغيّر بطعمها؛ لأنّ احتمال الفرق بين التغيّر بالنجس والتغيّر بالمتنجّس موجود.
الخامس: أ نّا لو سلّمنا الإطلاق في قوله: «إلّاأن يتغيّر» بحيث يشمل التغيّر بأوصاف المتنجّس يمكننا أن نوقع المعارضة بينه وبين ما دلّ بإطلاقه على نفي التغيّر بأوصاف المتنجّس، من قبيل ما ورد في بعض أدلّة اعتصام ماء البئر من أ نّه طاهر لا يفسده شيء إلّاأن ينتن. فقد قيّدت النجاسة بحال النتن، ومقتضى إطلاق المستثنى منه هو أ نّه إذا لم ينتنْ لا بأس به، وهو خبر معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول: «لا يغسل الثوب، ولا تعاد الصلاة ممّا يقع في البئر إلّاأن ينتن»[1].
فمقتضى إطلاق المستثنى منه في هذا الخبر أنّ ماء البئر لا ينفعل بغير النتن، فلو القي فيه ماء الورد المتنجّس وتغيّرت رائحته بسبب ذلك يكون مشمولًا لإطلاق المستثنى منه.
وهذا يعارض مع إطلاق المستثنى في رواية ابن بزيع بالعموم من وجه؛ لأنّ مقتضى إطلاق المستثنى في رواية ابن بزيع أنّ الماء ينفعل بالتغيّر، سواء كان بصفة النجاسة، أو بصفة ماء الورد المتنجّس. ومقتضى إطلاق المستثنى منه في رواية
[1] وسائل الشيعة 1: 173، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 10