والشريعة.
وهذا الاحتمال ساقط؛ لأنّ العرف المنفصل عن الشرع والشريعة لا يرى خبث كلّ النجاسات، ولا طيب كلّ ما يكون طاهراً، فالخمر، والمسك من الميتة، أو حليب الكافرة لو قيل بنجاستهما شرعاً لا يرى العرف خبثها رغم نجاستها شرعاً. كما أنّ جيفة اللحم الطاهر يرى العرف استخباثها رغم طهارتها، فليس المناط في التنجيس هو الاستخباث والطيب بالنظر العرفيّ المستقلّ جزماً.
ثانيها: أن يراد: الطيب والخبث في النظر المتشرّعي، ويراد بطيب الطعم طيب ذي الطعم، وبخبثه خبث ذي الطعم، فمعنى قوله: «حتّى يطيب الطعم» أي حتى يذهب الطعم الخبيث، بمعنى أن يذهب طعم الخبيث الشرعيّ الذي هو النجس.
وهذا الاحتمال خلاف الظاهر، فإنّ ظاهر إسناد الطيب والخبث إلى الطعم هو الإسناد الحقيقي، لا الإسناد اليه باعتبار متعلّقه. لكن لو تمّ هذا الاحتمال لأمكن دعوى وجود الإطلاق في الرواية للمتنجّس؛ لأنّ طعم المتنجّس طعم للخبيث الشرعيّ وإن لم يكن نفس الطعم خبيثاً.
ثالثها: أن يراد بالطيب والخبث: الطيب والخبث المسند إلى نفس الطعم، لكن لا بلحاظ الأنظار العرفية المستقلّة، بل بلحاظ الأنظار العرفية بما هي متشرّعة، وبحسب المناسبات المركوزة في ذهنهم الناشئة من التشريعات.
وبناءً على هذا الاحتمال تكون الرواية شاملةً لطعم البول والدم ونحوهما من النجاسات العينية؛ لأنّ عدم قابلية الشيء من البول أو الدم للطهارة يجعل ملازمةً بين طعمه والنجاسة، وهذه الملازمة توجب بالنظر العرفيّ للمتشرّعة سريان الاستخباث من الذات إلى الصفة، فهم بوصفهم متشرّعة يرون الدم أو البول خبيثاً، وبوصفهم عرفيين يرون سريان هذا الاستخباث من العين إلى الصفة بنكتة