على الأوّل دون الثاني، فلا إطلاق في هذه الروايات لفرض التغيّر بدون ملاقاة.

وما يوهم كونه موجباً للحكم بالنجاسة في فرض التغيّر بالمجاورة إحدى رواياتٍ ثلاث، حيث إنّها لم ترد في مقام الجواب على سؤالٍ فرض فيه وقوع النجاسة في الماء، فقد يتوهّم التمسّك بإطلاقها لإثبات ذلك.

الاولى: التمسّك بإطلاق النبويّ «خلق اللَّه الماء طهوراً لا ينجّسه شي‏ء، إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه»[1]، على القول باعتباره.

وتقريبه أن يقال: إنّ المستثنى عبارة عن الشي‏ء المغيّر، ولم يؤخذ فيه قيد الملاقاة، فيثبت أنّ طبيعيّ المغيّر منجّس، وهذا يشمل المغيّر بالمجاورة.

وتفصيل الكلام في هذا الحديث: أ نّه لا بدّ من تشخيص ما هو الشي‏ء المنفيّ عنه التنجيس في طرف المستثنى منه، حيث إنّ المستثنى قد اخرج من هذا الشي‏ء، فيلزم أوّلًا معرفة حدود هذا الشي‏ء ليعرف ما هي حدود الحصّة التي استثنيت منه.

وتوضيحه أن يقال: إنّ نفي الحكم عن صنفٍ من الطبيعيّ: تارةً يرد في موردٍ يحتمل فيه احتمالًا عرفياً اختصاص ذلك الصنف بالحكم المنفي، فيرد النفي توضيحاً لعدم ثبوت الحكم. واخرى يرد في موردٍ لا يحتمل فيه احتمالًا عرفياً اختصاص ذلك الصنف بالحكم المنفيِّ من بين أصناف الطبيعي، وإنّما المحتمل عرفياً ثبوت الحكم له ضمن ثبوته للطبيعي، فيرد النفي توضيحاً لعدم ثبوت الحكم على ذلك الصنف: إمّا لأنّ الحكم لم يثبت للطبيعيّ رأساً، وإمّا لأنّه يثبت له ولكنّه لم يشمل هذا الصنف.

 

[1] وسائل الشيعة 1: 135، الباب 1 من أبواب الماء المطلق، الحديث 9. وتقدّم البحث في السند في الصفحة 225