هذا كلّه لو فرض تمامية الإطلاق في الروايات التي أشرنا إليها بنحوٍ يقتضي نفي منجّسية التغيّر اللوني. إلّاأنّ تمامية الإطلاق فيها بنحوٍ يقتضي نفي منجّسية التغيّر اللونيّ محلّ إشكال.
أمّا رواية حريز التي ورد فيها: «إذا تغيّر الماء وتغير الطعم» ففي عطف تغيّر الطعم فيها على تغيّر الماء احتمالان:
الأوّل: أن يكون المقصود والملحوظ حقيقةً تغيّر الطعم، وقد اتي بالجملة الاولى الدالّة على طبيعيّ التغيّر في الماء تمهيداً لبيان التغيّر الخاصّ، أي التغيّر الطعمي.
الثاني: أن يكون كلّ من طبيعيّ التغيّر والتغيّر الطعميّ مقصوداً وملحوظاً، فالتغيّر ملحوظ مناطاً للتنجيس، والتغيّر الطعميّ كذلك، ويكون من باب عطف الخاصّ على العامّ بنكتة المورد، حيث إنّ العادة جارية في مورد الرواية- وهو الماء الذي فيه الجيفة- أن يحدث فيه التغيّر من ناحية الطعم.
والاستدلال بالرواية على عدم كفاية التغيّر اللونيّ موقوف على الاحتمال الأوّل، الذي لا معيّن له في مقابل الثاني، فمع احتمال كونه من باب عطف الخاصّ على العامّ لا من باب الإتيان بالعامّ لصرف التمهيد إلى ذكر الخاصّ لا يتمّ الاستدلال.
هذا، مضافاً إلى أ نّنا لو فرضنا الاحتمال الأوّل، وأنّ الملحوظ هو التغير الطعمي، وأنّ الجملة الاولى سيقت تمهيداً للجملة الثانية فلا يمكن مع هذا التمسّك بإطلاق مفهوم قوله: «إذا تغيّر الطعم» لإثبات عدم تنجّس الماء إذا لم يتغيّر طعمه بالجيفة ولو تغيّر لونه؛ لأنّ فرض تغيّر اللون بالجيفة مع عدم تغيّر الطعم ليس فرضاً متصوّراً تصوّراً عرفياً ليشمله إطلاق المفهوم؛ لأنّ العادة جارية في الماء الذي فيه الجيفة- الذي هو مورد الرواية- أ نّه إذا لم يتغيّر طعمه فلا يكون لونه متغيّراً؛ نظرا