معاصرةٍ قابلةٍ للحسّ بالنسبة إلى المخبر، لا في مثل المقام ممّا يفرض فيه صدور الحديث قبل مدّةٍ طويلةٍ من الزمان.

قلنا: إنّ الحسّية بالنسبة إلى وقائع متقدّمةٍ من هذا القبيل ليست بمعنى الإحساس المباشر بها، بل بمعنىً يشمل وضوحها واشتهار نقلها، فهو من قبيل إخبار الشيخ الطوسيّ بوثاقة عمّار الساباطيّ مثلًا، أو غيره من الرواة المتقدمين عليه بأجيال، فإنّ هذا الإخبار حجّة بعد إجراء أصالة الحسّ، لا بمعنى افتراض أنّ الشيخ عاشر عمّار الساباطيّ بنفسه، بل بمعنى افتراض أ نّه استند إلى مقدّماتٍ يكون إنتاجها للعدالة، وكشفها عنها إنتاجاً وكشفاً عرفياً، لا كشفاً اجتهادياً نظرياً.

فكما يبنى على حجّية إخبار الشيخ الطوسيّ بوثاقة عمّار كذلك يبنى على حجّية إخبار ابن إدريس بصدور الكلام من المعصوم؛ ولا فرق بين الموردين، لأنّ احتمال كون الخبر مستنداً إلى وضوح المطلب ومدارك عرفيةٍ عليه، إن كان كافياً للبناء على حجّية الخبر فيكون كلا الخبرين حجّة، وإن لم يكفِ فكلاهما يسقط عن الحجّية.

ولكنّ هذا البيان إنّما يتمّ لو كان يوجد احتمال عقلائيّ معتدّ به لوجود اشتهارٍ للحديث الذي نقله ابن إدريس واستفاضةٍ في نقله، ولكنّ هذا الاحتمال في نفسه غير موجود، إذ كيف يحتمل احتمالًا معتدّاً به الاشتهار والوضوح في حديثٍ لم يصل إلينا مسنداً ولو بطريق ضعيف من طرق الخاصّة؟! ومع هذا لا يمكن التعويل على نقل ابن إدريس قدس سره.

وأمّا رواية سماعة الاولى فقد صرّح الشيخ الطوسيّ في متن التهذيب والاستبصار[1]، بطريقه إليها، فقال: أخبرني الشيخ، عن أحمد بن محمّد، عن‏

 

[1] تهذيب الأحكام 1: 216، الحديث 624. الاستبصار 1: 12، الحديث 18