بنحو الشبهة المفهومية.
وأمّا تحقيق كيفية التخلّص من دعوى بطلان الصلاة الواقعة مع ما هو الأقلّ من الوضوء أو الغسل استناداً إلى استصحاب الحدث فيمكن أن يكون بأحد وجهين:
الأوّل: أن يُدَّعى حكومة أصالة البراءة عن التقييد الزائد في الوضوء أو الغسل على استصحاب الحدث، بتقريب: أنّ الشكّ في بقاء الحدث مسبّب عن الشكّ في تقييد الوضوء بالقيد الزائد، فالأصل النافي لهذا التقيّد يكون حاكماً على الأصل المتعبّد ببقاء الحدث.
ويرد على هذا الوجه: أنّ مفاد أصالة البراءة في موارد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ليس إلّانفي الإلزام التكليفيّ بالزائد والتأمين من ناحيته، دون أن يكون له نظر إلى إثبات الإطلاق في الواجب. ولهذا فإنّ الأقلّ بحدّه- أي الأقلّ لا بشرط- لا يثبت بالبراءة، وإنّما البراءة تنفي الأقلّ بشرط شيء، أي الزائد، والعلم الإجماليّ يثبت الأقلّ الجامع بين المطلق والمقيّد، فيجزي عقلًا حينئذٍ الإتيان بالمطلق؛ لأنّ التكليف بأزيد منه مؤمّن عنه بالبراءة.
وعلى هذا فلا معنى لدعوى حكومة البراءة على استصحاب الحدث؛ لأنّ الشكّ في بقاء الحدث مسبّب عن الشكّ في حصول غايته، حيث إنّ الحدث مغيّىً بالوضوء، والغاية مردّدة بين المطلق والمقيّد، ولا يوجد أصل يعيّن فيها الإطلاق ليؤدّي إلى التعبّد بتحقّقها في ضمن الأقلّ.
الثاني: أ نّنا إذا قلنا بأنّ المحدثية اعتبار شرعيّ قائم بالمحدث وقد اخذ مانعاً عن الصلاة- بمعنى أنّ الصلاة اخذت مقيّدةً بعدمه، مضافاً إلى تقييدها بالطهارة- فباستصحاب بقاء المحدثية يثبت اقتران الصلاة بالمانع، فيحكم ببطلانها، ولا ينفع لتصحيحها أصالة البراءة عن التقييد الزائد؛ لأنّ هذا الأصل ينفي