کتابخانه
109

يحلّ لغزاً جديداً للطبيعة في مجال تجريبي آخر.
ولسنا نعني بهذا أنّ التطبيق والتجربة العلمية ليس لهما دور مهمّ في المعرفة البشرية للطبيعة وقوانينها، فإنّ دورهما في ذلك لا شكّ فيه. وإنّما نريد أن نؤكّد على أنّ استبعاد كلّ معرفة منفصلة عن التجربة ورفض المعارف العقلية بصورة عامّة يكون سبباً لاستحالة تخطّي المرحلة الاولى من الإدراك، أي: مرحلة الحسّ والتجربة.

التجربة والكيان الفلسفي:

ولا يقف هذا التناقض المستقطب بين المذهب العقلي والمذهب التجريبي عند حدود نظرية المعرفة فحسب، بل يمتدّ أثره الخطير إلى الكيان الفلسفي كلّه؛ لأنّ مصير الفلسفة بوصفها كياناً أصيلًا مستقلًاّ عن العلوم الطبيعية والتجريبية مرتبط إلى حدٍّ كبير بطريقة حلّ هذا التناقض بين المذهبين العقلي والتجريبي، فالبحث في المقياس العامّ للمعرفة البشرية والمبادئ الاولى لها هو الذي يقدّم للفلسفة مبرّرات وجودها، أو يحكم عليها بالانسحاب والتخلّي عن وظيفتها للعلوم الطبيعية.
وقد واجه الكيان الفلسفي هذه المحنة أو هذا الامتحان منذ نشأت الطريقة التجريبية وغزت الحقول العلمية بكفاءة ونشاط، وإليكم قصّة ذلك:
كانت الفلسفة قبل أن يسود الاتجاه التجريبي وفي مطلع فجرها تستوعب تقريباً كلّ المعارف البشرية المنظّمة بشكل عام، فالرياضيات والطبيعيات تطرح على الصعيد الفلسفي كمسائل الميتافيزيقا تماماً، وتتحمّل الفلسفة بمعناها العام الشامل مسؤولية الكشف عن الحقائق العامّة في كلّ مجالات الكون والوجود، وكانت أداة المعرفة التي تستخدمها الفلسفة في تلك الحقول جميعاً هي القياس:

108

وقوانينه الواقعية، فنعرف من ذلك: أنّ الخطوة الاولى من المعرفة ليست كافية بمفردها لتكوين نظرية، أي: لنقل الإنسان بصورة طبيعية أو ديالكتيكية إلى الخطوة الثانية للمعرفة الحقيقية. فما هو الشي‏ء الذي يجعلنا ننتقل من الخطوة الاولى إلى الخطوة الثانية؟
إنّ ذلك الشي‏ء هو: معارفنا العقلية المستقلّة عن التجربة التي يرتكز على أساسها المذهب العقلي؛ فإنّ تلك المعارف هي التي تتيح لنا أن نعرض عدّة من النظريات والمفاهيم، ونلاحظ مدى انسجام الظواهر المنعكسة في تجاربنا وحواسّنا معها، فنستبعد كلّ مفهوم لا يتّفق مع تلك الظواهر حتّى نحصل على المفهوم الذي ينسجم مع الظواهر المحسوسة والتجريبية بحكم المعارف العقلية الأوّلية، فنضعه كنظرية تفسّر جوهر الشي‏ء وقوانينه الحاكمة فيه.
وإذا استبعدنا من أوّل الأمر المعارف العقلية المستقلّة عن التجربة فسوف يتعذّر علينا نهائياً أن نتخطّى‏ دور الإحساس إلى دور النظرية والاستنتاج، أو أن نتأكّد من صحّة النظرية والاستنتاج بالرجوع إلى التطبيق وتكرار التجربة.
ونخلص من ذلك إلى أنّ التفسير الوحيد للخطوة الثانية من المعرفة- الحكم والاستنتاج- هو ما ارتكز عليه المذهب العقلي من القول: بأنّ عدّة من قوانين العالم العامّة يعرفها الإنسان معرفة مستقلّة عن التجربة، كمبدأ عدم التناقض، ومبدأ العلّية، ومبدأ التناسب بين العلّة والمعلول، وما إلى ذلك من مبادئ عامّة، وحين تقدّم له التجربة العلمية ظواهر الطبيعة وتعكسها في إحساسه، يطبّق عليها المبادئ العامّة، ويحدّد مفهومه العلمي عن واقع الشي‏ء وجوهره على ضوء تلك المبادئ، بمعنى: أ نّه يستكشف ما وراء الظواهر التجريبية، ويتخطّى‏ إلى حقائق أعمق بالمقدار الذي يتطلّبه تطبيق المبادئ العامّة ويكشف عنه، وتضاف هذه الحقائق الأعمق إلى معلوماته السابقة، ويكون بذلك أكثر ثروة حينما يحاول أن‏

107

للمعرفة يجب أن لا يفصل بأيّة درجة كانت عن التطبيق، وتشنّ نضالًا ضدّ كلّ النظريات الخاطئة التي تنكر أهمية التطبيق أو تسمح بانفصال المعرفة عن التطبيق»[1].

إنّ الماركسية- كما يبدو- تعترف بوجود مرحلتين للمعرفة البشرية، ومع ذلك فإنّها لا تريد أن تسلِّم بوجود معرفة منفصلة عن التجربة، وهذا هو التناقض الأساسي الذي تقوم عليه نظرية المعرفة في المادية الديالكتيكية؛ ذلك أنّ العقل لو لم يكن لديه معارف ثابتة بصورة مستقلّة عن التجربة، لم يستطع أن يضع النظرية على ضوء الإدراكات الحسّية، وأن يكوِّن مفهوماً للمعطيات التجريبية؛ فإنّ استنتاج مفهوم خاصّ من الظواهر المحسوسة بالتجربة إنّما يتاح للإنسان إذا كان يعرف- على الأقلّ- أنّ ظواهر كهذه تقتضي بطبيعتها مفهوماً كذاك، فيركّز استنتاجه لنظريّته الخاصّة على ذلك.

ولأجل أن يتّضح هذا يجب أن نعرف أنّ التجربة- كما تعترف الماركسية- تعكس ظواهر الأشياء، ولا تكشف عن جوهرها وقوانينها الداخلية التي تهيمن على تلك الظواهر وتنسِّقها، ومهما كرّرنا التجربة وأعدنا التطبيق العملي فسوف لا نحصل- على أفضل تقدير- إلّاعلى أعداد جديدة من الظواهر السطحية المنفصلة.

ومن الواضح: أنّ هذه الإدراكات الحسّية التي نستحصلها بالتجربة لا تقتضي بذاتها تكوين مفهوم عقلي خاصّ عن الشي‏ء الخارجي؛ لأنّ هذه الإدراكات الحسّية التي هي الخطوة الاولى من المعرفة قد يشترك فيها أفراد عديدون ولا ينتهون جميعاً إلى نظرية موحَّدة ومفهوم واحد عن جوهر الشي‏ء

 

[1] حول التطبيق: 4

106

وقال أيضاً:

«إنّ استمرار التطبيق الاجتماعي يؤدّي إلى أن تتكرّر مرّات متضاعفة في تطبيق الناس أشياء يحسّونها، وتخلق فيهم انطباعاً، وعندها يحدث تغيّر مفاجئ (طفرة) في العقل البشري خلال عملية اكتساب المعرفة، فينتج عند ذلك مفاهيم»[1].

وإليكم هذا النصّ الذي تؤكّد فيه الماركسية على أنّ النظرية لا يمكن أن تنفصل عن التطبيق، أي: وحدة النظرية والتطبيق:

«فمن المهمّ- إذن- أن نفهم معنى وحدة النظرية والتطبيق …، ومعنى ذلك: أنّ من يهمل النظرية يقع في فلسفة الممارسة، فيسلك كما يسلك الأعمى ويتخبّط في الظلام، أمّا ذلك الذي يهمل التطبيق فيقع في الجمود المذهبي، ويتحوّل إلى صاحب مذهب لا أكثر، وصاحب تدليلات عقلية جوفاء»[2].

وبهذا أكّدت الماركسية موقفها التجريبي، وأنّ التجربة هي المقياس الذي يجب أن يطبّق على كلّ معرفة ونظرية، ولا توجد معرفة بصورة منفصلة عنه، كما صرّح بذلك ماو تسي تونغ فيما يلي:

«إنّ نظرية المعرفة في المادّية الديالكتيكية تضع التطبيق في المقام الأوّل، فهي ترى أنّ اكتساب الناس‏

 

[1] حول التطبيق: 6

[2] المادّية والمثالية في الفلسفة: 114

105

والآخر الرأي القائل: بأنّ للمعرفة خطوتين: الخطوة الحسّية والخطوة العقلية، أو التطبيق والنظرية، أو مرحلة التجربة ومرحلة المفهوم والاستنتاج.

فنقطة الانطلاق للمعرفة هي: الحسّ والتجربة، والدرجة العالية لها هي: تكوين مفهوم علمي ونظرية تعكس الواقع التجريبي بعمق ودقّة.

وهذا الرأي الثاني هو الرأي الذي اتّخذته الماركسية في مسألة المعرفة، ولكنّها لاحظت أنّ هذا الرأي سوف ينتهي بها بصورته الظاهرة إلى المذهب العقلي؛ لأنّه يفرض ميداناً ومجالًا للمعرفة الإنسانية خارج حدود التجربة البسيطة، فوضعته على أساس وحدة النظرية والتطبيق، وعدم إمكان فصل أحدهما عن الآخر، وبذلك احتفظت للتجربة بمقامها في المذهب التجريبي، واعتبارها المقياس العام للمعارف البشرية.

قال ماو تسي تونغ:

«الخطوة الاولى في عملية اكتساب المعرفة هي:

الاتّصال الأوّلي بالمحيط الخارجي (مرحلة الأحاسيس)، الخطوة الثانية هي جمع المعلومات التي نحصل عليها من الإدراكات الحسّية وتنسيقها وترتيبها (مرحلة المفاهيم والأحكام والاستنتاجات)، وبالحصول على معلومات كافية كاملة من الإدراكات الحسّية (لا جزئية أو ناقصة)، ومطابقة هذه المعلومات للوضع الحقيقي (لا مفاهيم خاطئة) عند هذا فقط يصبح في المستطاع أن نصوغ على أساس هذه المعلومات مفهوماً ومنطقاً صحيحين»[1].

 

[1] حول التطبيق: 14

104

والمبادئ الأوّلية بالنار وإحراقها، فكما أنّ إحراق النار فعّالية ذاتية للنار، ومع ذلك لا توجد هذه الفعّالية إلّافي ظلّ شروط، أي: في ظروف ملاقاة النار لجسم يابس، كذلك الأحكام الأوّلية فإنّها فعّاليات ضروريّة وذاتية للنفس في الظروف التي تكتمل عندها التصوّرات اللازمة.
وإذا أردنا أن نتكلّم على مستوىً أرفع قلنا: إنّ المعارف الأوّلية وإن كانت تحصل للإنسان بالتدريج، ولكن هذا التدريج ليس معناه أ نّها حصلت بسبب التجارب الخارجية؛ لأنّنا برهنّا على أنّ التجارب الخارجية لا يمكن أن تكون المصدر الأساسي للمعرفة، بل التدرّج إنّما هو باعتبار الحركة الجوهرية والتطوّر في النفس الإنسانية، فهذا التطوّر والتكامل الجوهري هو الذي يجعلها تزداد كمالًا ووعياً للمعلومات الأوّلية والمبادئ الأساسية، فيتفتّح ما كمن فيها من طاقات وقوىً.
وهكذا يتّضح: أنّ الاعتراض على المذهب العقلي بأ نّه: لماذا لم توجد المعلومات الأوّلية مع الإنسان حين ولادته، يبتني على عدم الاعتراف بالوجود بالقوّة، وباللاشعور الذي تدلّ عليه الذاكرة بكلّ وضوح، وإذن فالنفس الإنسانية بذاتها تنطوي بالقوّة على تلك المعارف الأوّلية، وبالحركة الجوهرية يزداد وجودها شدّة، حتّى تصبح تلك المدركات بالقوّة مدركات بالفعل.

الماركسية والتجربة:

إنّ المذهب التجريبي الذي عرضناه سابقاً يطلق على رأيين في مسألة المعرفة:
أحدهما الرأي القائل: بأنّ المعرفة كلّها تتوفّر في المرحلة الاولى، أي:
مرحلة الإحساسات والتجارب البسيطة.

103

ولكن بقي علينا أن ندرس من المذهب العقلي نقطة واحدة، وهي: أنّ المعلومات الأوّلية إذا كانت عقلية وضرورية، فكيف يمكن أن يُفسَّر عدم وجودها مع الإنسان منذ البداية، وحصوله عليها في مرحلة متأخّرة عن ولادته؟!
وبكلمة اخرى: أنّ تلك المعلومات إذا كانت ذاتية للإنسان فيجب أن توجد بوجوده، ويستحيل أن يخلو منها لحظة من حياته، وإذا لم تكن ذاتية لزم أن يوجد لها سبب خارجي لها وهو التجربة، وهذا ما لا يوافق عليه العقليون.
والواقع: أنّ العقليين حين يقرّرون أنّ تلك المبادئ ضرورية في العقل البشري يعنون بذلك: أنّ الذهن إذا تصوّر المعاني التي تربط بينها تلك المبادئ فهو يستنبط المبدأ الأوّلي دون حاجة إلى سبب خارجي.
ولنأخذ مبدأ عدم التناقض مثالًا، إنّ هذا المبدأ- الذي يعني: الحكم التصديقي بأنّ وجود الشي‏ء وعدمه لا يجتمعان- ليس موجوداً عند الإنسان في لحظة وجوده الأوّلي؛ لأنّه يتوقّف على تصوّر الوجود، وتصوّر العدم، وتصوّر الاجتماع. وبدون تصوّر هذه الامور لا يمكن التصديق بأنّ الوجود والعدم لا يجتمعان؛ فإنّ تصديق الإنسان بشي‏ء لم يتصوّره أمر غير معقول، وقد عرفنا عند محاولة تعليل التصوّرات الذهنية أ نّها ترجع جميعاً إلى الحسّ، وتنبثق عنه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فيجب أن يكتسب الإنسان مجموعة التصوّرات التي يتوقّف عليها مبدأ عدم التناقض عن طريق الحسّ؛ ليتاح له أن يحكم بهذا المبدأ ويصدّق به، فتأخّر ظهور هذا المبدأ في الذهن البشري لا يعني أ نّه ليس ضرورياً وليس منبثقاً عن صميم النفس الإنسانية بلا حاجة إلى سبب خارجي، بل هو ضروري ونابع عن النفس بصورة مستقلّة عن التجربة، ولكن التصوّرات الخاصّة شرائط وجوده وصدوره عن النفس، وإذا شئت فقس النفس‏

102

العلوم الطبيعية فليست كذلك؛ لأنّ قضاياها تركيبية، أي: إنّ المحمول فيها يضيف إلى الموضوع علماً جديداً، أي: ينبئ بجديد على أساس التجربة، فإذا قلت: إنّ الماء يغلي تحت ضغط كذا عندما تصبح درجة حرارته مئة مثلًا، فإنّي افيد علماً؛ لأنّ كلمة (ماء) لا تتضمّن كلمة (حرارة وضغط وغليان)؛ ولأجل ذلك كانت القضية العلمية عرضة للخطأ والصواب.
ولكن من حقّنا أن نلاحظ على هذه المحاولة لتبرير الفرق بين الرياضيات والطبيعيات: أنّ اعتبار القضايا الرياضية تحليلية لا يفسّر الفرق على أساس المذهب التجريبي، فهب أنّ (2+ 2/ 4) تعبير آخر عن قولنا: أربعة هي أربعة، فإنّ هذا يعني: أنّ هذه القضية الرياضية تتوقّف على التسليم بمبدأ عدم التناقض، وإلّا فقد لا تكون الأربعة هي نفسها إذا كان التناقض ممكناً، وهذا المبدأ ليس في رأي المذهب التجريبي عقلياً ضرورياً؛ لأنّه ينكر كلّ معرفة قبلية، وإنّما هو مستمدّ من التجربة كالمبادئ التي تقوم على أساسها القضايا العلمية في الطبيعيات، وهكذا تبقى المشكلة دون حلّ إذ ما دامت الرياضيات والعلوم الطبيعية تتوقّف جميعاً على مبادئ تجريبية، فلماذا تمتاز قضايا الرياضيات على غيرها باليقين الضروري المطلق؟!
وبعد، فلسنا نقرّ بأنّ قضايا الرياضيات كلّها تحليلية وامتداد لمبدأ (أنّ أربعة هي أربعة)، وكيف تكون الحقيقة القائلة: إنّ القطر أقصر- دائماً- من المحيط قضية تحليلية؟! فهل كان القِصَر أو المحيط مندمجاً في معنى القطر؟! وهل هي تعبير آخر عن القول: بأنّ القطر هو قطر؟!
ونخلص من هذه الدراسة إلى أنّ المذهب العقلي هو وحده المذهب الذي يستطيع أن يحلّ مشكلة تعليل المعرفة، ويضع لها مقاييسها ومبادئها الأوّلية.

101

التجريبيون بعد ذلك أن ينكروا ذلك المقياس ليبطلوا علينا فلسفتنا، فهم ينسفون بذلك الاسس التي تقوم عليها العلوم الطبيعية، ولا تثمر بدونها التجارب الحسّية شيئاً.

وفي ضوء المذهب العقلي نستطيع أن نفسِّر صفة الضرورة واليقين المطلق التي تمتاز بها الرياضيات على قضايا العلم الطبيعي؛ فإنّ مردّ هذا الامتياز إلى أنّ القوانين والحقائق الرياضية الضرورية تستند إلى مبادئ العقل الاولى، ولا تتوقّف على مستكشفات التجربة، وعلى العكس من ذلك قضايا العلم؛ فإنّ تمدّد الحديد بالحرارة ليس من المعطيات المباشرة لتلك المبادئ، وإنّما يرتكز على معطيات التجربة، فالطابع العقلي الصارم هو سرّ الضرورة واليقين المطلق في تلك الحقائق الرياضية.

وأمّا إذا درسنا الفارق بين الرياضيات والطبيعيات في ضوء المذهب التجريبي فسوف لن نجد مبرّراً حاسماً لهذا الفرق ما دامت التجربة هي المصدر الوحيد للمعرفة العلمية في كلا الميدانين.

وقد حاول بعض أنصار المذهب التجريبي‏[1] تفسير الفرق على أساسه المذهبي عن طريق القول: بأنّ قضايا الرياضيات تحليلية ليس من شأنها أن تأتي بجديد، فعندما نقول: (2+ 2/ 4)، لم نتحدّث بشي‏ء جديد لنفحص درجة يقيننا به؛ فإنّ الأربعة هي نفسها تعبير آخر عن (2+ 2)، فالعملية الرياضية الآنفة الذكر في تعبير صريح ليست إلّاأنّ أربعة تساوي أربعة، وكلّ قضايا الرياضيات امتداد لهذا التحليل، ولكنّه امتداد يتفاوت في درجة تعقيده. وأمّا

 

[1] يراجع للتفصيل: الاسس المنطقيّة للاستقراء، مبحث: هل توجد معرفة عقليّة قبليّة؟ عند بيان موقف المنطق الوضعي من الفروق المطروحة بين الرياضيّات والطبيعيّات