ولم تنشأ في الواقع النظرة التجزيئية للتشيّع الروحي بصورة منفصلة عن التشيّع السياسي، ولم تولد في ذهن الإنسان الشيعي إلّابعد أن استسلم إلى الواقع وانطفأت جذوة التشيّع في نفسه كصيغة محدّدة لمواصلة القيادة الإسلامية في بناء الامّة وإنجاز عمليّة التغيير الكبيرة التي بدأها الرسول الكبير صلى الله عليه و آلهوتحوّلت إلى مجرّد عقيدة يطوي الإنسان عليها قلبه ويستمدّ منها سلوته وأمله.
وهنا نصل إلى ما يقال من أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام من أبناء الحسين عليه السلام اعتزلوا الحياة السياسيّة وانقطعوا عن الدنيا، فنلاحظ أنّ التشيّع بعد أن فهمناه كصيغة لمواصلة القيادة الإسلامية، والقيادة الإسلامية لا تعني إلّاممارسة عمليّة التغيير التي بدأها الرسول الكريم صلى الله عليه و آله لتكميل بناء الامّة على أساس الإسلام، فليس من الممكن أن نتصوّر تنازل الأئمّة عليهم السلام عن الجانب السياسي إلّاإذا تنازلوا عن التشيّع.
غير أنّ الذي ساعد على تصوّر اعتزال الأئمّة عليهم السلام وتخلّيهم عن الجانب السياسي من قيادتهم ما بدا من عدم إقدامهم على عمل مسلح ضدّ الوضع القائم وإعطاء الجانب السياسي من القيادة معنى ضيّقاً لا ينطبق إلّاعلى عمل مسلّح من هذا القبيل.
ولدينا نصوص عديدة عن الأئمّة عليهم السلام توضّح أنّ إمام الوقت دائماً كان مستعدّاً لخوض عمل مسلّح إذا وجدت لديه