ومتحرّكة ومرنة، وعلى هذا الأساس تسلّم أبو بكر السلطة بعد وفاة النبي مباشرة على أساس ما تمّ من تشاور محدود في مجلس السقيفة[1]، ثمّ تولّى الخلافة عمر بنصّ محدَّد من أبي بكر[2]، وخلفهما عثمان بنصّ غير محدّد من عمر[3]، وأدّت المرونة بعد ثلث قرن من وفاة الرسول القائد إلى تسلّل أبناء الطلقاء- الذين حاربوا الإسلام بالأمس- إلى مراكز السلطة.

هذا في ما يتّصل بالمرجعيّة القيادية التي تمارس السلطة، وأمّا بالنسبة إلى المرجعيّة الفكرية فقد كان من الصعب إقرارها في أهل البيت بعد أن أدّى الاجتهاد إلى انتزاع المرجعيّة القيادية منهم؛ لأنّ إقرارها كان يعني خلق الظروف الموضوعيّة التي تمكّنهم من تسلّم السلطة والجمع بين المرجعيّتين، كما أ نّه كان من الصعب أيضاً من الناحية الاخرى الاعتراف بالمرجعيّة الفكرية لشخص الخليفة الذي يمارس السلطة؛ لأنّ متطلّبات المرجعيّة الفكرية تختلف عن متطلّبات ممارسة السلطة، فالإحساس بجدارة الشخص لممارسة السلطة والتطبيق لا يعني بحالٍ الشعور بإمكانية نصبه إماماً فكريّاً ومرجعاً أعلى بعد القرآن والسنّة النبويّة لفهم النظرية؛ لأنّ هذه الإمامة الفكرية تتطلّب درجة عالية من الثقافة والإحاطة واستيعاب النظرية، وكان من الواضح أنّ هذا لم يكن متوفّراً في أيّ صحابي بمفرده إذا قطع النظر عن أهل البيت.

 

[1] تاريخ الطبري 3: 203 وما بعدها

[2] المصدر السابق: 428 وما بعدها

[3] المصدر السابق 4: 227- 228