الانصهار بالرسالة والتسليم الكامل لها، وهو لا يرفض الاجتهاد ضمن إطار النصّ وبذل الجهد في استخراج الحكم الشرعي منه.
ومن المهمّ أن نشير بهذا الصدد أيضاً إلى أنّ التعبّد بالنصّ لا يعني الجمود والتصلّب الذي يتعارض مع متطلّبات التطوّر وعوامل التجديد المختلفة في حياة الإنسان، فإنّ التعبّد بالنصّ معناه- كما عرفنا- التعبّد بالدين والأخذ به كاملًا دون تبعيض. وهذا الدين نفسه يحمل في أحشائه كلّ عناصر المرونة والقدرة على مسايرة الزمن واستيعابه بكلّ ما يحمل من ألوان التجديد والتطوّر، فالتعبّد به وبنصّه تعبّد بكلّ تلك العناصر وبكلّ ما فيها من قدرة على الخلق والإبداع والتجديد.
هذه خطوط عامّة عن تفسير التشيّع بوصفه ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية وتفسير ظهور الشيعة كاستجابة لتلك الظاهرة الطبيعية.
[المرجعيّة الفكريّة والقياديّة لأهل البيت عليهم السلام:]
وإمامة أهل البيت والإمام علي عليه السلام التي تمثّلها تلك الظاهرة الطبيعية تعبّر عن مرجعيتين: إحداهما المرجعيّة الفكرية، والاخرى المرجعيّة في العمل القيادي والاجتماعي، وكلتا المرجعيتين كانتا تتمثّلان في شخص النبي صلى الله عليه و آله وكان لابدّ- في ضوء ما درسنا من ظروف- أن يصمّم الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله الامتداد الصالح له لتحمّل كلتا المرجعيتين، لكي تقوم المرجعيّة الفكرية بملء الفراغات التي قد تواجهها ذهنية المسلمين، وتقديم المفهوم المناسب ووجهة النظر الإسلامية فيما يستجدّ من قضايا الفكر والحياة، وتفسير ما يشكل ويغمض من معطيات الكتاب الكريم الذي يشكّل المصدر الأوّل للمرجعيّة الفكرية في