فهرست

46

رسول اللَّه بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسّني جسده ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشي‏ء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل … ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثَر امّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوة»[1].

إنّ هذه الشواهد وشواهد اخرى كثيرة تقدّم لنا صورة عن ذلك الإعداد الرسالي الخاصّ الذي كان النبي صلى الله عليه و آله يمارسه في سبيل توعية الإمام على المستوى القيادي للدعوة.

كما أنّ في حياة الإمام عليّ عليه السلام بعد وفاة القائد الرسول صلى الله عليه و آله أرقاماً كثيرة جدّاً تكشف عن ذلك الإعداد العقائدي الخاصّ للإمام عليّ عليه السلام من قِبل النبي، بما تعكسه من آثار ذلك الإعداد الخاص ونتائجه. فقد كان الإمام هو المفزع والمرجع لحلّ أيّ مشكلة يستعصي حلّها على القيادة الحاكمة وقتئذٍ[2]. ولا نعرف في تاريخ التجربة الإسلامية على عهد الخلفاء الأربعة واقعة واحدة رجع فيها الإمام إلى غيره لكي يتعرّف على رأي الإسلام وطريقة علاجه للموقف، بينما نعرف في التاريخ عشرات الوقائع التي أحسّت القيادة الإسلامية الحاكمة فيها بضرورة الرجوع إلى الإمام بالرغم من تحفّظاتها في هذا الموضوع.

 

[1] نهج البلاغة: 300، الخطبة( 192) القاصعة

[2] الرياض النضرة( 3- 4): 162- 166