فهرست

43

[الموقف الإيجابي المتمثّل في ترشيح الإمام وتعيينه‏]

الطريق الثالث: وهو الطريق الوحيد الذي بقي منسجماً مع طبيعة الأشياء ومعقولًا على ضوء ظروف الدعوة والدعاة وسلوك النبي صلى الله عليه و آله هو أن يقف النبي من مستقبل الدعوة بعد وفاته موقفاً إيجابياً، فيختار بأمر من اللَّه سبحانه وتعالى شخصاً يرشّحه عمق وجوده في كيان الدعوة، فيعدّه إعداداً رساليّاً وقياديّاً خاصّاً لتتمثّل فيه المرجعيّة الفكريّة والزعامة السياسيّة للتجربة، وليواصل بعده- بمساندة القاعدة الشعبية الواعية من المهاجرين والأنصار- قيادة الامّة وبناءها عقائدياً، وتقريبها باستمرار نحو المستوى الذي تؤهّلها لتحمّل المسؤوليات القياديّة.
وهكذا نجد أنّ هذا هو الطريق الوحيد الذي كان بالإمكان أن يضمن سلامة مستقبل الدعوة وصيانة التجربة من الانحراف في خط نموّها، وهكذا كان.
وليس ما تواتر عن النبي صلى الله عليه و آله من النصوص التي تدلّ على أ نّه كان يمارس إعداداً رسالياً وتثقيفاً عقائديّاً خاصّاً لبعض الدعاة على مستوى يهيِّئه للمرجعيّة الفكريّة والسياسيّة، وأنه صلى الله عليه و آله قد عهد إليه بمستقبل الدعوة وزعامة الامّة من بعده فكريّاً وسياسيّاً، ليس هذا إلّاتعبيراً عن سلوك القائد الرسول صلى الله عليه و آله للطريق الثالث الذي كانت تفرضه وتدلّ عليه قبل ذلك طبيعة الأشياء كما عرفنا.
ولم يكن هذا الشخص الداعي المرشّح للإعداد الرسالي والقيادي والمنصوب لتسلّم مستقبل الدعوة وتزعّمها فكريّاً وسياسيّاً إلّاعليّ بن أبي طالب عليه السلام الذي رشّحه لذلك عمق وجوده في كيان الدعوة، وأ نّه المسلم‏