الناس في ذلك شقّ عليه جدّاً، فأرسل إلى رجال من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: إنّكم- معاشر أصحاب رسول اللَّه- متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه، فانظروا أمراً تجتمعون عليه، فكأ نّما أيقظهم، فقالوا: نِعْم ما رأيت يا أمير المؤمنين عليه السلام …[1].
وهكذا نجد أنّ الصحابة كانوا في حياة النبي صلى الله عليه و آله يتّكلون غالباً على شخص النبي صلى الله عليه و آله، ولا يشعرون بضرورة الاستيعاب المباشر للأحكام والمفاهيم ما داموا في كنف النبي صلى الله عليه و آله.
وقد تقول: إنّ هذه الصورة التي عرضت عن الصحابة وما فيها من أرقام على عدم كفاءتهم للقيادة يتعارض مع ما نؤمن به جميعاً من أنّ التربية النبويّة أحرزت درجة هائلة من النجاح، وحقّقت جيلًا رسالياً رائعاً!
والجواب: إنّا بما قدّمناه قد حدّدنا الصورة الواقعية لذلك الجيل الواسع الذي عاصر وفاة النبي صلى الله عليه و آله دون أن نجد في ذلك ما يتعارض مع التقييم الايجابي بدرجة عالية للتربية النبويّة التي مارسها الرسول صلى الله عليه و آله في حياته الشريفة؛ لأنّنا في نفس الوقت نؤمن فيه بأنّ التربية النبويّة كانت مثلًا ربّانياً رائعاً وبعثاً رسالياً متميّزاً في تاريخ العمل النبوي على مرّ الزمن نجد أنّ الإيمان بذلك والوصول إلى تقييم حقيقي لمحصول هذه التربية ونتائجها لا يقوم على أساس ملاحظة النتائج بصورة منفصلة عن ظروف التربية وملابساتها، ولا على أساس ملاحظة الكمّ بصورة منفصلة عن الكيف.
ومن أجل توضيح ذلك خذ هذا المثال: نفترض مدرّساً يدرّس عدداً من
[1] شرح معاني الآثار 1: 495- 496، باب التكبير على الجنائز كم هو